وكصحيح ابن بزيع عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في حديث طويل قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): " لا ينقض الوضوء إلا ما خرج من طرفيك اللذين جعل الله لك "، أو قال: " أنعم الله بهما عليك " (1). وغير ذلك من المقيدات، لأنها منصبة على الغالب المتعارف، ولم تسق لحصر الحدثين بالخارج من السبيلين الخلقيين أصالة، لوضوح عدم حصر الناقض من الأحداث الثلاثة بخصوص الخارج عن الموضع الخلقي المتعارف، لمسلمية ناقضية غيره أيضا في الجملة.
ومنه يتضح وجه فساد دعوى الانصراف في المطلقات فإنه ناش عن انس الذهن بالفرد المتعارف، ولا شك في عدم اعتباره، مع أنه لو بنى على الأخذ بمثل هذا الانصراف لم يسلم دليل للفقه أبدا، إذ جل قواعدها لو لم نقل كلها مبتنية على المطلقات، وما من مطلق إلا وله منصرف في العرف لانس الذهن ببعض أفراده، فالمطلق المسوق لإعطاء القاعدة كما في المقام يؤخذ بإطلاقه إلا إذا علم اتكال المتكلم إلى ذلك الانصراف في إرادة المقيد من المطلق بحيث ينسب أهل العرف العامل بإطلاقه إلى الغفلة عن طريق المحاورة وأنى لهم بإثباته في المقام!
ومما يفصح عن عدم خصوصية للأسفلين ذيل العلل المروي عن فقه الرضا في ما حكم به بقوله (عليه السلام): " لا تغسل ثوبك إلا مما يجب عليك في خروجه إعادة الوضوء " (2) في الحسن كالصحيح عن علل الفضل عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام):
" إنما وجب الوضوء مما يخرج عن الطرفين خاصة، ومن النوم دون سائر الأشياء، لأن الطرفين هما طريق النجاسة، وليس للانسان طريق يصيبه النجاسة من نفسه إلا منهما فامروا بالطهارة عندما يصيبهم تلك من أنفسهم " (3) فإنه صريح في أن سبب وجوب الطهارة هو إصابة النجاسة المخصوصة من أنفسهم وأنه لو كان لها مخرج غيرهما لما خصصت بهما، فبين (عليه السلام) وجه التقييد في الأخبار وأن