العمدي أيضا، لإطلاق الروايات ولظهور قوله (عليه السلام): " هو حين يتوضأ أذكر " في أن الذاكر لا يخل بواجبه الذي قصده ايجاده فيكون بمنزلة صغرى لتلك الكبرى الكلية.
ودعوى انصراف الإطلاق إلى الاخلال لا عن عمد غير مسموعة، لأنه لو سلم فهو بدوي غير مضر، بل ظاهر الكلام أن الذاكر الباني على أداء تكليفه لا يتسامح في تحصيله ولا يخل بشيء منه يضر بامتثاله، لأن الاخلال سهوا ينافي ذكره، وعمدا ينافي كونه في صدد الامتثال ولعله من أجلها استشكل فيه الأستاذ - طاب ثراه - في طهارته بعد أن منع ادخال الاخلال العمدي من جهة قاعدة حمل فعل المسلم على الصحة بمنع عموم القاعدة لفعل الشخص نفسه، لظهور أخبارها في فعل غير الحامل كما هو قضية " ضع فعل أخيك " وعدم التلازم بين نفي الفساد عنه وبين كونه امتثالا ومخرجا عن العهدة، إذ المراد بالأحسن المأمور حمل الفعل عليه نفي المفاسد التي لا يسع المكلف شرعا ارتكابها، ولا يحسن منه تعاطيها لا نفي المباحات وإثبات اجتماع الفعل لجميع ما يعتبر في صيرورته محلا للطلب، والامتثال عند إرادة الشخص ايجاده في الخارج.
والاخلال بالوضوء يمكن أن يكون جائزا كما لو بدا له تأخير الوضوء في سعة الوقت، وأنت خبير بأن هذا المعنى مرجعه إلى الغاء القاعدة عن الاعتبار في أكثر مواردها المسلمة جريانها فيها، بل في موارد تنزيلها التي وردت أخبارها فيها، مضافا إلى أن الترك العمدي لجزء عمل لم يعرض عن اتيانه الفاعل ولم يبن على تأخيره إلى وقت آخر من المفاسد التي قد قبل هو طاب ثراه أنه لا يرتكبه الفاعل.
ومنه تعرف أن تنظير المقام بمن بدا له في التأخير غير مرتبط بما نحن فيه، لأن مفروض المسألة من كان بناؤه على الامتثال، وبعد فراغه عن العمل يشك في أنه هل تعمد بترك شيء منه تعاندا، أو أتى به كلا من غير ترك شيء منه عنادا.
ومنه يظهر أنه عين الفساد، هذا.