وإن كان إلى ما يستفاد من المحكي عن ابن إدريس أخيرا من تعليل قوله:
" لو كان العارض بعد فراغه وانصرافه عن مغتسله وموضعه لم يعتد بالشك، لأنه لم يخرج من حال الطهارة إلا على يقين كمالها، وليس ينقض الشك اليقين "، انتهى.
ومن تأويله ما ذكره عن بعض الأصحاب الذي حكيناه عنه بقوله: " إلا أن يرجع... الخ "، حيث إن ظاهره خصوصا في الأخير بقرينة المقابلة وعدم ارتضائه العمل بهذا الظهور الناشئ من العادة، وتأويله إياه إلى قاعدة اليقين هو أن عدم العبرة بالشك بعد اليقين إنما هو لأجل سبق اليقين لا لذلك الظهور.
وهو الذي نسبه الأستاذ - طاب ثراه - أيضا إلى غير واحد من الأعلام، وقال:
" إنهم تخيلوه قاعدة برأسها معتبرة وراء قاعدة الاستصحاب، وأنها نظيرها في الاعتبار، فهو ساقط عن درجة الاعتبار، إذ لا يثبت من الأخبار إلا ترتيب آثار ما تيقنه سابقا وشك في ارتفاعه بعد حدوثه. وأما ترتيب آثار نفس اليقين السابق الزائل بالشك اللاحق قطعا فكلا "، وإن كان ببالي أني رأيت في القوانين أنه حكي عن بعض الأصحاب أنه حمل قوله (عليه السلام): " لا تنقض اليقين بالشك " على لزوم ابقاء صفة اليقين بمعنى ترتيب آثار هذا الاعتقاد الخاص، أعني صفة اليقين وعدم رفع اليد عنها بهذا الشك الطارئ، وهو بمعزل عن التحقيق لما بين في محله من ظهور الأخبار في البناء على بقاء المتيقن، وترتيب ما هو من آثاره لا آثار نفس اليقين، فلم يبق لتلك القاعدة مستند حينئذ إلا قاعدة اليقين على ما أشرنا اليه، وعدم اجدائها في المقام واضح، إذ لا وجه له إلا الظهور المذكور الذي عرفت ما فيه.
فرعان:
الأول: المدار في التجاوز عن المحل ما ذكرناه من صيرورته إلى حال غير حال الوضوء لابقاء محل التدارك بعدم فوت الموالاة، لتحقق الفراغ عرفا الذي هو معيار الحكم نصا وفتوى وإن لم يفت الموالاة.
الثاني: عدم الالتفات بالمشكوك لا يخص المتروك نسيانا، بل يعم الترك