فالحق أنه يجب الالتفات لعدم إحراز تحقق الفراغ وإن لم نعتبر الدخول في الغير، بل الحكم كذلك حتى مع سبق يقين الفراغ لما بيناه من أن اليقين عند تجرده عن إحراز الفراغ بوجه آخر لا يترتب عليه شيء مع زواله بالشك وعدم ثبوته حاله، وليس حال الجزء الأخير حال سائر الأجزاء كما أصر الماتن في التسوية بينهما في جواهره، لأ نا لو اكتفينا بتحقق الفراغ ولم نعتبر الدخول في الغير فالواجب أن يكتفى في عدم الالتفات إلى الجزء المشكوك بنفس الفراغ، وهو يحرز فيما إذا حصل شكه حين الفراغ عن مسح الرجلين، لصدق وقوع الشك بعد الفراغ بخلاف ما إذا كان المشكوك نفس هذا المسح، وهو لم ينتقل عن حال وضوئه ولو بطول جلوس، فإنه لم يتحقق الفراغ، ولا أقل من أنه لم يحرز تحققه فلا يصدق أنه شك في شيء جازه، وعليه فيجب عليه الإتيان به، وهذا هو مقصود كاشف اللثام من قوله: " وعندي أن الانتقال وحكمه كطول الجلوس يعتبر في الشك في آخر الأعضاء دون غيره "، انتهى.
وما قاله حق بناء على اعتبار نفس الفراغ، لعدم صدقه فيما لو كان المشكوك الخبر الأخير ولم يحصل منه تغيير حالة ولو بطول المكث، بخلاف ما إذا كان المشكوك غيره من الأجزاء السابقة فإنه لا يبعد دعوى الفراغ لو حصل الشك بعد الإتيان بالجزء الأخير.
نعم يحسن دعوى التسوية بناء على ما اخترناه من إناطة عدم الالتفات لصيرورته في حال اخرى غير حال الوضوء إما لعدم تحقق الفراغ إلا به كما هو الظاهر، أو لمكان اعتباره في أخبار الباب بالخصوص.
فتبين أن تفصيل كاشف اللثام ليس بين الجزء الأخير وغيره، وإنما مرجعه إلى كيفية احراز الفراغ الذي جعله مناطا للالتفات وعدم الالتفات، ولكن يمكن التفصيل بلحاظ أن التأخير جائز ولو عمدا ما لم يفت به الموالاة، فإذا شك في الجزء الأخير واحتمل أنه أخره عمدا فوجب عليه الالتفات ولو مع الانتقال عن حال الوضوء، لانصراف أخبار الباب عن هذا الإخلال العمدي وعدم إمكان