وقوله (عليه السلام): " كل شيء شك فيه مما قد مضى " (1). وقوله (عليه السلام): " هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك " (2). وقوله (عليه السلام) في صحيح زرارة: " فإذا قمت من الوضوء وفرغت منه " (3). وقوله (عليه السلام) في الصحيحة الاخرى له: " إذا خرجت من شيء ودخلت في غيره " (4)، حيث اعتبر في جميعها صدق حال غير حال الوضوء في عدم الالتفات إلى الشك.
وحينئذ فقوله (قدس سره): (وبسبق يقين الفراغ قبل حدوث الشك) لا وجه له كما أشار اليه الأستاذ - طاب ثراه - بما علقه عليه بقوله - طاب ثراه -: " في الاكتفاء بسبق يقين الفراغ نظر " لأن مرجعه إن كان ظاهر حال الفاعل، حيث إن ظاهر حال المكلف أنه لا يعتقد استيفاء أفعال الوضوء إلا بعد تحقق ذلك في الخارج، كما هو المحكي عن المفيد في المقنعة، وهو أيضا ظاهر ما نسبه ابن إدريس إلى بعض الأصحاب في عبارته المحكية عنه بقوله: " قال بعض أصحابنا في كتاب له: إنه ليس من العادة أن ينصرف الانسان من حال الوضوء إلا بعد الفراغ من استيفائه على الكمال - ثم قال هو (قدس سره): - وهو غير واضح إلا أن يرجع ويقول: إن انصرف من حال الطهارة وقد شك في شيء من ذلك لم يلتفت اليه، ومضى على يقينه، قال: وهذا القول أوضح وأمتن في الاستدلال " انتهى.
فهو كما ذكره ابن إدريس غير واضح، لوضوح عدم الدليل على اعتبار هذا الظهور الغير المفيد للظن الشخصي في جميع موارده، بل ولا النوعي، لأن السهو والنسيان والغفلة أيضا كثير وقوعها من الشخص فلا يبقى بملاحظتها ما يفيد ظنا بأن الشخص إذا كان مشغولا بفعل لا يدع شيئا منه ولا يشتغل بغيره حتى يكمله ويفرغ عنه، ولذا قيل: إن السهو والنسيان كالطبيعة الثانية للانسان.