يعيد الوضوء، إن الوضوء يتبع بعضه بعضا " (1)، وفي قوله (عليه السلام): " اتبع وضوءك بعضه بعضا " (2)، وفي قول أبي جعفر (عليه السلام): " تابع بين الوضوء كما قال الله عز وجل ابدأ بالوجه ثم باليدين " (3).
فإنها يراد بها كفاية مطلق التواصل ولو باعتبار الأثر عند حصول التفريق في أفعاله، لعدم إمكان أن يراد منهما أي من التبعيض المنفي والمتابعة المأمور بها خصوص تواصل الأفعال، للأخبار الكثيرة الدالة على جواز أخذ البلل للمسح من اللحية والحاجبين وأشفار العينين عند النسيان، مع أن تقطيع الأفعال فيها مسلم، لأنه فرض نسيانه ثم تذكره في حال الصلاة، وهو لا يجامع مع التواصل الصوري.
فتعين أن يراد بهما إما المعنى العام أو خصوص تواصل الأثر، فيكون المدار على الجفاف وجودا وعدما، ولا شك أن الأول أظهر على أنه مؤيد بالإطلاقات والوضوءات البيانية، هذا مضافا إلى ما تقدم من ظهور جملة منها في الترتيب وكونه مرادا من لفظ " المتابعة " فيها كحسنة زرارة وصحيحه (4) وغيرهما، فلا تغفل.
وأما الرضوي: " فإن فرغت من بعض وضوئك وانقطع بك الماء قبل أن تتمه ثم اوتيت بالماء فأتمم وضوءك إذا كان ما غسلته رطبا، فإن كان قد جف فأعد الوضوء وإن جف بعض وضوئك قبل أن يتم الوضوء من غير أن ينقطع عنك الماء فامض عليه جف وضوؤك أم لم يجف " (5)، فالمراد من قوله (عليه السلام): " وإن جف بعض وضوئك " هو تمام ما حصل منه، والمقصود من جفافه بلا انقطاع الماء هو حصوله من غير تفريق وتأخير، وحينئذ قوله (عليه السلام): " جف وضوؤك أم لم يجف " تأكيد لما أفاده بتلك الشرطية، فمعنى لزوم المضي أن الجفاف الذي اعتبرنا عدمه أولا