وتعليله للوجهين كما تراه يعم القسمين معا، ومحصله أن النذر أوجب تقييد الواجب وقد قصد امتثاله، ولكنه لم يأت بالفعل مطابقا لما قصده فإنه أوجده خاليا عن القيد المعتبر فيه بالنذر، وهذا هو المراد من قوله (عليه السلام): اعتبار حال الفعل ومرجعه إلى ما هو معروف من أن ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد، ومبنى وجه الصحة هو ما أشرنا إليه من الأمر الأصلي مع عدم حصول تقييد فيه، وقد قصد امتثاله أيضا ولو ضمنا.
ومنه تعرف أن لا وجه للتفصيل المذكور عن المدارك، إذ التقييد لو سلم لا يختص بالصورة التي ذكرها سيد المدارك، فإنه لو سلم يعم الصورتين معا، كما رأيت تسالم هؤلاء الأساطين عليه، فتبصر ولا تغفل.
وعن جامع المقاصد: " ترجيح البطلان استنادا إلى عدم المطابقة، لأن المعتبر في صحة النذر هو حاله الذي اقتضاه النذر، فما نواه لم يقع وما وقع لم ينوه " انتهى.
وتعليله للبطلان غير خفي شموله للقسمين، وعرفت ما في هذا التعليل من أن الواقع عين المنوي لا غيره، لعدم منافاة بين نية النذر ونية الأصل، بل هي مشتملة عليها فالصحة حينئذ وفاقا للأكثر في القسمين معا لا يخلو عن قوة، لما ذكرناه.
بقي هنا شيء قد اشتمل عليه كلام الفخر من وجوب الموالاة في الوضوء وجوبا تكليفيا، وحكي عن الدروس والبيان ما يفيد وجوب المتابعة كذلك قال في الدروس: " لو فرق ولم يجف فلا إثم ولا إبطال إلا أن يفحش التراخي فيأثم " انتهى.
واحتمل الأستاذ - طاب ثراه - أنه لعله يقول بالإثم في ترك المتابعة مطلقا، إلا أن التفريق الغير المتفاحش غير قادح عنده في صدق المتابعة.
وكيف ما كان لا دليل على وجوب شيء منهما بما هما، لما عرفت من أن وجوب الموالاة شرطي لا يترتب على مخالفته سوى الفساد وحرمته من جهة إبطال العمل ممنوع لعدم عموم يقتضي حرمة ابطال كل عمل، والمتابعة أيضا قد