مستحبات الوضوء لا يفرق فيها بين نذرها فيه أو نذر الوضوء المقيد بها، كما أنه بعد جعلها مستحبا خارجيا مستقلا أيضا لا يفرق فيه بين قسميه، لأن تقييد الوضوء في معقد نذره لا يوجب تقييد أمر الوضوء خلافا لسيد المدارك حيث قال: " أما لو كان المنذور هو الوضوء المتتابع اتجه البطلان مع قصد المنذور، لعدم المطابقة، ولو نوى غيره أجزأ وكفر مع تشخيص الزمان " انتهى.
وفيه أن عدم المطابقة لأمر النذر غير مستلزم للبطلان، لحصول المطابقة بين المأتي به والمأمور به بأوامر الوضوء، وهو كاف في الصحة، ولا ينافي حصول الامتثال من قبلها قصده من أول العمل امتثال أمر النذر، لأن قصده مشتمل على قصد الأمر الأصلي أيضا فيحصل امتثاله فيصح الفعل من جهته، ولو أوجب قصد المنذور فساد العمل للزم القول به في نذر الموالاة أيضا. وقوله (قدس سره) فيه بالصحة معللا بأن النذر أمر خارج عن حقيقة الوضوء كما لو نذر القنوت في الصلاة غير مسموع، لأن مآل نذرها فيه إلى تقييد فعله بها، ولذا لم يفصل بين القسمين العلامة وولده الفخر والشهيد والمحقق الثاني على ما حكي عنهم، قال في القواعد:
" لو نذر الوضوء مواليا فأخل بها فالأقرب الصحة والكفارة " انتهى.
وفي الايضاح احتمل صحة الوضوء، لأن المنذور يشترط فيه ما يشترط في الواجب، والموالاة ليست شرطا في صحة الواجب، بل واجبة فيه فيصح الوضوء، قال (قدس سره): " ويحتمل عدم الصحة، لأن الصحة المشترطة في النذر لم يحصل فيبطل، لأن فائدة الشرط ذلك، ولأنه لم يأت بالمنذور وقد نواه فيبطل " انتهى.
وكلامه كما تراه شامل للقسمين معا وإن علل الصحة بما هو عليل، وكلامه قد عرفت اختصاصه بما حكم السيد ببطلانه.
وعن الذكرى: " فيما لو نذر المتابعة في الوضوء فأخل بها ولم يجف أن في الصحة وجهين مبنيين على اعتبار حال الفعل وأصله، فعلى الأول لا يصح وعلى الثاني يصح، أما الكفارة فلازمة مع تشخص الزمان قطعا لتحقق المخالفة، وهذا يطرد في كل مستحب وجب لعارض " انتهى.