فإياك أن تحدث وضوء حتى تستيقن أنك قد أحدثت " (1) وقول الأستاذ - طاب ثراه - فيمن تخلف في مورد التقية مقتضاها وأتى بالواقع الأولى: " أن حكمه كالمتضرر بمسح البشرة يبطل عمدا إذا لم يتداركه ويصح لا مع العمد بخلاف سائر الأعذار " انتهى.
فإن مفاده أيضا هو ما ذكرناه حيث إنه - طاب ثراه - حكم بالبطلان مع التخلف مطلقا، لما قدمه - طاب ثراه - من صيرورة الجزء العذري جزءا حقيقيا، مع أ نا لا نفهم وجه التفرقة بينهما، حيث إن الشارع (عليه السلام) قد قنع فيهما عن الواقع بالمأتي به العذري غاية ما بينهما ما استكشفناه من أخبار التقية من أن عدم المندوحة غير معتبر فيها بمقدار ما يعتبر في سائر الاعذار.
وغير خفي أن قوله هذا مناف لحكمه بالإعادة بعد زوال العذر، لعدم اجتماع الحكم بالإعادة البناء على كون المسح على الجورب مثلا عند البرد كالمسح على بشرة الرجل مسحا حقيقيا وجزءا للوضوء واقعيا، سيما مع ما حكم - طاب ثراه - بعدم إعادة الصلاة وغيرها من العبادات التي اتي بها على وجه التقية، وإن بقي الوقت.
وصرح أيضا في رد ما حكاه عن المحقق الثاني من التفصيل بين عمومات التقية وخصوصاتها باقتضاء جملة من العمومات كالخصوصات الرخصة في امتثال الأوامر على وجه التقية، فما معنى الإعادة حينئذ بعد حصول الامتثال؟!
وما أدري ما دعاه - طاب ثراه - إلى الحكم بالإعادة هنا؟ ويمكن أن يكون ملاحظة كون الأمر فيه غيريا، وهو مع أنه غير ضائر بعد كونه تعبديا لا يلائم ما حققه في صدر مسألة الوضوء من أن أمر الوضوء إذا امتثل بمعنى أنه أتى بتلك الأفعال بداعي الأمر إفادة رفع الحدث في المحل القابل، فعدم التزامه - طاب ثراه - برفع الحدث في المقام لا أرى له وجها أبدا.