فإذن الأقوى أن الوضوء العذري طهارة ورافع للحدث يؤتى به مع عدم انتقاضه بالحدث كل ما يتوقف على الطهارة ورفع الحدث صحة أو كمالا، وفاقا للأكثر، بل المشهور، وأما الجزء المأتي به لعذر مع زوال العذر في الأثناء أو بعد الفراغ وقبل فوات الموالاة مع إمكان تحصيله إذا كان المتخلف فيه الجزء الأخير فالأقوى لزوم إعادته، بمعنى لزوم الإتيان بهذا الجزء، لأن أمر الوضوء لم يمتثل بعد وهو متمكن من الإتيان بالوضوء التام، فاكتفاؤه بالوضوء الناقص لا وجه له، لعدم الدليل عليه.
ولذا حكم في المستند فيه بالإعادة احتياطا مع حكمه بعدم إعادة أصل الوضوء، وقد عرفت دعوى ظهور الإجماع فيه مما حكيناه عن الأستاذ - طاب ثراه -. وبهذا التفصيل صرح الشيخ الأستاذ الشيخ راضي - طاب ثراه - في ما علقه على النجاة. فما في جواهر الماتن من حكمه بعدم الإعادة فيهما معا ولا وجه له، لعدم تحقق أمر ظاهري شرعي متعلق بالجزء ويقتضي اجزاء المأتي به المخالف للواقع كما أريناك وجوده في نفس الوضوء، وهذا هو الفارق بينه وبين أجزائه، مضافا إلى سائر ما تقدم من أدلة الصحة.
قوله (قدس سره): (وكذا لو زال في الأثناء) يعني لا يعيد ما أوجده على طبق العذر من الجزء وإن كان إعادته أحوط.
قوله (قدس سره): (بل الاحتياط فيه أشد) لما عرفته مما قدمناه وجها للتفصيل بين الجزء والتمام وسمعت أن الإعادة فيه أقوى.
قوله (قدس سره): (بل لا يبعد الإعادة فيما لو استلزم ما وقع للضرورة أو التقية المنافي بعد زوالهما) لأن تجويز العمل بخلاف الواقع من غير ضرورة مفسد للعمل قطعا، والمفروض أن التقية والضرورة لم يجوز إلا ايجاد ذلك الجزء لمكان الضرورة على خلاف الواقع.
وأما الإتيان بالجزء المرتفع ضرورته حال ايجاده على خلاف الواقع فغير جائز، إذ لا ضرورة تقتضي مخالفة الواقع فيه، فحاصل مرامه - طاب ثراه - أنه