باستحقاقهما مع فعل موجبهما.
أقول: ذهبت المعتزلة إلى أن الثواب نفع عظيم مستحق يقارنه التعظيم، والعقاب ضرر عظيم مستحق يقارنه الإهانة، واحتجوا على وجوب اقتران التعظيم بالثواب واقتران الإهانة بالعقاب بأنا نعلم بالضرورة أن فاعل الفعل الشاق (1) المكلف به فإنه يستحق التعظيم والمدح، وكذلك من فعل القبيح فإنه يستحق الإهانة والاستخفاف.
قال: ويجب دوامهما لاشتماله على اللطفية (2) ولدوام المدح والذم ولحصول نقيضيهما لولاه.
أقول: ذهب المعتزلة إلى أن الثواب والعقاب دائمان، واختلف في العلم بدوامهما هل هو عقلي أو سمعي؟ فذهبت المعتزلة إلى أنه عقلي، وذهبت المرجئة إلى أنه سمعي.
واحتج المصنف رحمه الله على دوامهما بوجوه: أحدها: أن العلم بدوام الثواب والعقاب يبعث العبد على فعل الطاعة ويبعده عن المعصية وذلك ضروري، وإذا كان كذلك كان لطفا واللطف واجب على ما مر. الثاني: أن المدح والذم دائمان، إذ لا وقت إلا ويحسن مدح المطيع وذم العاصي إذا لم يظهر منه ندم على ما فعل، وهما معلولا الطاعة والمعصية فيجب كون الطاعة والمعصية في حكم الدائمتين، فيجب دوام الثواب والعقاب لأن دوام أحد المعلولين يستلزم دوام المعلول الآخر، لأن العلة تكون دائمة أو في حكم الدائمة. الثالث: أن الثواب لو كان منقطعا لحصل لصاحبه الألم بانقطاعه، ولو كان العقاب منقطعا لحصل لصاحبه السرور (3) بانقطاعه، وذلك ينافي الثواب والعقاب لأنهما خالصان عن الشوائب، هذا ما