كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الآملي) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٠٩
أقول: ذهب قوم من القدماء إلى أن هذه الكيفيات نفس الأشكال، قالوا: لأن الأجسام تنتهي في التحليل إلى أجزاء صغار تقبل القسمة الوهمية لا الانفكاكية وتلك الأجزاء مختلفة في الأشكال، فالتي تحيط (1) بها أربعة مثلثات تكون مفرقة لاتصال العضو فيحس منها بالحرارة، والتي تحيط بها ستة مربعات تكون غليظة غير نافذة فيحس منها بالبرد، والذي يقطع العضو إلى أجزاء صغار ويكون شديد النفوذ هو المحرق الحريف والملاقي لذلك التقطيع هو الحلو، والذي ينفصل منه شعاع مفرق للبصر هو الأبيض، والذي ينفصل منه شعاع قابض للبصر هو السواد ويحصل من اختلاطهما باقي أنواع الألوان.
والمحققون أبطلوا هذه المقالة بأن الأشكال والألوان مختلفة في المحمولات فيحمل على أحدهما بالايجاب ما يحمل على الآخر بالسلب فيلزم تغايرهما بالضرورة، وبيانه أن الأشكال ملموسة وغير متضادة والألوان متضادة غير ملموسة، وأيضا الأشكال مبصرة والحرارة والبرودة ليستا كذلك.
قال: والمزاج لعمومها.

(1) أي الأجزاء التي تحيط بها.. الخ. وقوله الآتي: والذي يقطع، وكذا والذي ينفصل أي الجزء الذي كان كذلك. وعبارة النسخ مضطربة، وعبارة القوشجي في المقام موافقة للمختار، وصاحب الشوارق نقل عبارة القوشجي أيضا حرفا بحرف، قال: زعم جمع من الأوائل أن هذه الكيفيات نفس الأشكال قالوا: إن الأجسام ينتهي تحليلها إلى أجزاء صلبة قابلة للانقسام الوهمي دون الانقسام الفعلي، وزعموا أن تلك الأجزاء متخالفة الأشكال فالأجزاء التي يحيط بها أربع مثلثات تكون متحدة الأطراف مفرقة لاتصال العضو فتحس منها بالحرارة. والأجزاء التي يحيط بها ست مربعات تكون غليظة الأطراف غير نافذة في العضو فتحس منها بالبرودة. وكذا الحال في الطعوم فإن الجزء الذي يقطع العضو إلى أجزاء صغار وتكون شديدة النفوذ فيه هو الحريف، والجزء الذي يتلاقى هذا التقطيع هو الحلو. وكذا القول في الألوان فإن الجزء الذي ينفصل منه شعاع مفرق للبصر هو الأبيض، والذي ينفصل منه شعاع جامع للبصر هو الأسود، ويتحصل من اختلاط هذين النوعين من الشعاع الألوان المتوسطة بين السواد والبياض.
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»
الفهرست