أقول: لما بين حدوث الحركة والسكون شرع الآن في بيان تناهيهما لأن بيان حدوثهما غير كاف في الدلالة، وهذا المقام هو المعركة بين الحكماء والمتكلمين، فإن المتكلمين يمنعون من اتصاف الجسم بحركات لا تتناهى، والأوائل جوزوا ذلك.
والمتكلمون استدلوا على قولهم بوجوه: أحدها: أن كل فرد حادث فالمجموع كذلك، وهو ضعيف إذ لا يلزم من حدوث كل فرد حدوث المجموع.
الثاني: إنها قابلة للزيادة والنقصان فتكون متناهية، وهو ضعيف بمعلومات الله تعالى ومقدوراته، فإن الأولى أزيد من الثانية (1) ولا يلزم تناهيهما.
الثالث: التطبيق وهو (2) أن تؤخذ جملة الحركات من الآن إلى الأزل جملة، ومن زمان الطوفان إلى الأزل جملة أخرى ثم تطبق إحدى الجملتين بالأخرى فإن استمرا إلى ما لا يتناهى كان الزائد مثل الناقص هذا خلف، وإن انقطع الناقص تناهى وتناهى الزائد لأنه إنما زاد بمقدار متناه والزائد على المتناهي بمقدار متناه