مقصود، وإنما يتم بعلم الكلام فإنه المتكفل بحصول هذا المرام، فوجب على كل مكلف من أشخاص الناس الاجتهاد في إزالة الالتباس بالنظر الصحيح في البراهين، وطلب الحق بالتعيين، ووجب على كل عارف من العلماء إرشاد المتعلمين وتسليك الناظرين، وقد كنا صرفنا مدة من العمر في وضع كتب متعددة في هذه العلوم الجليلة وإحراز هذه الفضيلة، والآن حيث وفقنا الله تعالى للاستفادة من مولانا الأفضل العالم الأكمل نصير الملة والحق والدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي قدس الله تعالى روحه الزكية في العلوم الإلهية والمعارف العقلية، ووجدناه راكبا نهج التحقيق سالكا جدد التدقيق، معرضا عن سبيل المغالبة، تاركا طريق المغالطة تتبعنا مطارح أقدامه في نقضه وإبرامه، ولما عرج إلى جوار الرحمن ونزل بساحة الرضوان، وجدنا كتابه الموسوم بتجريد الاعتقاد قد بلغ فيه أقصى المراد، وجمع جل مسائل الكلام على أبلغ نظام، كما ذكر في خطبته وأشار في ديباجته، إلا أنه أوجز ألفاظه في الغاية وبلغ في إيراد المعاني إلى طرف النهاية، حتى كل عن إدراكه المحصلون، وعجز عن فهم معانيه الطالبون، فوضعنا هذا الكتاب الموسوم بكشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد موضحا لما استبهم من معضلاته، وكاشفا عن مشكلاته، راجيا من الله تعالى جزيل الثواب وحسن المآب إنه أكرم المسؤولين (1)، عليه نتوكل وبه نستعين.
قال: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد حمد واجب الوجود على نعمائه والصلاة على سيد أنبيائه محمد المصطفى وعلى أكرم أمنائه (2) فإني مجيب إلى ما سئلت من تحرير مسائل الكلام (3) وترتيبها على أبلغ نظام مشيرا إلى غرر فوائد