لمن أشار إليه ذكرا فيمن ثبت.
وذكر (أن أبا سفيان دخل على أبي بكر - رضوان الله عليه - يستشفعه إلى رسول الله في زيادة الصلح فلم يفعل ثم أتى عمر ثم عثمان ثم فاطمة ثم عليا) (1): وجعل صاحب الرسالة هذا برهان شرفه على غيره.
والذي يقال على هذا: إنه بدأ بمن طمع في موافقته اعتبارا بشفاعته في أسارى " بدر " وأخذ الفدية منهم.
وجعل آخر من خاطبه أبعدهم عن موافقته، لأن أبا سفيان صاحب رئاسة وانتقاد، والحكمة قاضية بأن يدخل الإنسان من أسهل الأبواب، وأيسر المطالب، فإذا ضاق عليه الباب السهل، وتعذر عليه الوجه المتيسر، عدل إلى غير ذلك من الوسائل الصعبة، والوجوه المتعسرة.
وبرهان ذلك: أنه مهما شك الناس فيه فلا يشكون في أن فاطمة - صلى الله عليهما - البضعة منه، العزيزة عليه، المعظمة عند الله تعالى، زوج أقرب الناس إليه، والدة ابنيه العزيز بن لديه، فلو كانت البداءة (2) دليل الشرف، ما كان أبو سفيان عداها ولهذا أن رسول الله - صلى الله عليه (وآله) - لما قال: ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صلى وصام: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان، فعظم ذلك على الصحابة وهابوه أن يسألوه، فسألوا فاطمة أن تسأله.
ومن ذلك، أنه لما نزل قوله تعالى: * (وجئ يومئذ بجهنم) * (3).