الثقة خير من المرسل خاصة في موضع مصادمة الخصم. وأما قوله: (أنس عندكم كافر) (1) فإنها دعوى، سلمنا ذلك [جدلا] (2) لكن قد أسلفنا القاعدة في أن إيراد هذا وأمثاله حسن في باب الإلزام. قال: (وأخرى، إنه إن كان هذا الحديث كما تقولون وقد صدقتم على أنس [فقد زعم أنس] (3) بزعمكم أنه كذب النبي - صلى الله عليه [وآله] - في موقف (4) ثلاث مرات، وقد أمسك النبي عن الطعام وهو يشتهيه وكل ذلك رواه أنس ويكذب (5) له وقال إن الحديث أضعف حديث عند أصحاب الأثر.) (6).
أقول: إنا قد بينا الكذب في ضعف الخبر فضلا عن كونه أضعف حديث.
وإذا اعتبرت قول ملقح الفتن عدو أمير المؤمنين وبغضه (7) رأيت الخوارج بالنسبة إليه على سبيل المبالغة غلاة في حب أمير المؤمنين، إذ كانوا إنما نقموا عليه التحكيم وهو شئ جنوه.
وهذا الناصب ملقح الفتن ذو فنون في القول ساقطة، بليغة، وإنما قلت ذلك، وهذا أمر يعقله من له أدنى فطنة، إذ كيف ضبط جميع الأحاديث النبوية وعرف أن هذا أضعفها، ونحن عيانا نعرف أن فيها الضعيف الساقط جدا يأتي في الجبر والتشبيه وغير ذلك من سقطات يثبتها ضعفاء الحديث لا يشتبه حالها على ناقد، فكيف وقد روى هذا الحديث المحدثون المعتبرون في الصحيح عندهم.