بناء المقالة الفاطمية - السيد ابن طاووس - الصفحة ٢٤٧
قال صاحب كتاب " الاستيعاب ": وأما تقشفه في لباسه ومطعمه فأشهر من هذا كله. وذكر دليله في حال كسوته - صلى الله عليه - (1) وفي بعض ما نقلته أنه كان يختم على جراب فيه قوته لئلا يلت (2) بدهن (3) وكان - صلى الله
(١) الاستيعاب: ٣ / ١١١٢.
(٢) لت: الشئ دقه وسحقه ولت التسويق: بله شئ من الماء (المنجد).
وروى أحمد بن حنبل في مسنده: ١ / ٧٨ بسنده عن عبد الله بن زرير أنه قال:
دخلت على علي بن أبي طالب عليه السلام يوم الأضحى فقرب إلينا حريرة (*) فقلت: أصلحك الله لو قربت إلينا من هذا البط - يعني الوز - فإن الله عز وجل قد أكثر الخير، فقال: يا ابن زرير إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا تحل للخليفة من مال الله إلا قصعتان قصعة يأكلها هو وأهله وقصعة يضعها بين يدي الناس.
وروى أبو نعيم في حلية الأولياء: ١ / ٨١.
(*) دقيق يطبخ بلبن أو دسم.
بسنده عن عبد الله بن شريك عن جده عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه أتى بفالوذج (+) فوضع قدامه فقال: إنك طيب الريح، حسن اللون، طيب الطعم لكن أكره أن أعود نفسي ما لم تعتده.
والمتقي في كنز العمال: ٢ / ١٦١ قال:
(+) حلواء تعمل من الدقيق والماء والعسل.
عن أبي جعفر قال: أكلعلي عليه السلام من تمر دقل ثم شرب عليه الماء ثم ضرب على بطنه وقال: من أدخله بطنه في النار فأبعده الله ثم تمثل:
فإنك مهما تعط بطنك سؤله * وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا وأبو نعيم في حلية الأولياء: ١ / ٨٢ بسنده عن زيد بن وهب قال:
قدم على علي عليه السلام وفد من أهل البصرة فيهم من أهل الخوارج يقال له الجعد بن نعجة فعاتب عليا عليه السلام في لبوسه فقال علي عليه السلام: ما لك وللبوسي؟ إن لبوسي أبعد من الكبر وأجدر أن يقتدي بي المسلم.
وذكره أيضا المحب الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ١٣٤.
وابن الأثير في أسد الغابة: ٤ / ٣٣ بسنده عن أبي نعيم قال:
سمعت سفيان يقول: ما بنى علي عليه السلام لبنة على لبنة ولا قصبة على قصبة وإن كان ليؤتى بحبوته من المدينة في جراب.
وأيضا في أسد الغابة: ٤ / ٢٤ بسنده عن أبي بحر عن شيخ لهم قال:
رأيت على علي عليه السلام إزارا غليظا قال: اشتريته بخمسة دراهم فمن أراد أربحني فيه درهما بعته، قال: ورأيت معه دراهم مصرورة فقال: هذه بقية نفقتنا من ينبع.
وأيضا أسد الغابة: ٤ / ٤٤ بسنده عن أبي النوار بياع الكرابيس: قال:
أتاني علي بن أبي طالب عليه السلام ومعه غلام له فاشترى مني قميصي كرابيس فقال لغلامه:
اختر أيهما شئت فأخذ أحدهما وأخذ علي عليه السلام الآخر فلبسه ثم مد يده فقال: اقطع الذي يفضل من قدر يدي فقطعه ولبسه وذهب.
والمتقي في كنز العمال: ٦ / ٤٠٩ قال:
عن عمرو بن قيس قال: رئي على علي عليه السلام إزار مرقوع فقيل له فقال: يقتدي به المؤمن ويخشع به القلب.
وأيضا في كنز العمال: ٦ / ٤١٠ قال:
عن زيد بن وهب قال: خرج علينا علي عليه السلام وعليه رداء وإزار قد وثقه بخرقة فقيل له:
فقال: إنما البس هذين الثوبين ليكون أبعد لي من الزهو وخيرا لي في صلاتي وسنة للمؤمنين.
والمحب الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ٢٣٠ قال:
وعن ابن عباس قال: اشترى علي بن أبي طالب عليه السلام قميصا بثلاثة دراهم وهو خليفة وقطع كمه من موضع الرسغين وقال: الحمد الله الذي هذا من رياشه.
المتقي في كنز العمال: ٦ / 410 قال:
عن أبي مطر قال: خرجت من المسجد فإذا رجل ينادي خلفي: إرفع إزارك فإنه أتقى لربك وأتقى لثوبك وخذ من رأسك إن كنت مسلما، فإذا هو علي عليه السلام ومعه الدرة فانتهى إلى سوق الإبل فقال: بيعوا ولا تحلفوا فإن اليمين تنفق السلعة وتمحق البركة ثم أتى صاحب التمر فإذا خادم تبكي فقال: ما شأنك؟ فقالت: باعني هذا تمرا بدرهم فأبى مولاي أن يقبله، فقال: خذه واعطها درهما فإنه ليس لها أمر فكأنه أبى فقلت: ألا تدري من هذا؟ قال: لا، قلت: علي أمير المؤمنين عليه السلام، فصب تمره وأعطاها درهمها وقال: أحب أن ترضى عني يا أمير المؤمنين قال: ما أرضاني عنك إذا وفيتهم ثم مر مجتازا حتى انتهى إلى أصحاب السمك فقال: لا يباع في سوقنا طافي ثم أتى دار بزاز وهي سوق الكرابيس فقال: يا شيخ أحسن بيعي في قميص بثلاثة دراهم فلما عرفه لم يشتر منه شيئا، ثم أتى غلاما حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم ولبسه ما بين الرسغين إلى الكعب، فجاء صاحب الثوب فقيل له: إن ابنك باع من أمير المؤمنين قميصا بثلاثة دراهم، قال: فهلا أخذت منه بدرهمين فأخذ الدرهم ثم جاء به إلى علي عليه السلام فقال: امسك هذا الدرهم، قال: ما شأنه؟ قال: كان قميصنا ثمنه درهمين باعك ابني بثلاثة دراهم قال: باعني برضاي وأخذت برضاه.