والذي يقال على هذا الكلام - وقد يظنه معارضا قويا وليس به -: إن أولئك المادحين مدحوا، والدولة لمن مدحوه قائمة، ونجومها ناجمة، ورشيد مدح والأرواح من شيعة أمير المؤمنين تختطف اختطاف العقبان البغاث، وكان رشيد أحدهم، قطع ابن زياد يديه ورجليه، وقطع لسانه وصلبه، وقد كان أمير المؤمنين عليه السلام أخبره بذلك وأخبر به ابن زياد - لعنه الله - وبعد ذلك لم ينزع عن بغضته (1) ومسبته، أسوة بقوم صالح.
والحميري مدح والخليفة المنصور بن العباس وهو عدو هذا البيت، يصطلم أرواح أكابره مجدا في هدم سور مفاخره.
والنمري كان على ما أرى في أيام الرشيد وما يتخيل لي (2) أن بني أمية كثرته (3) في اصطلامهم وترشيفهم كؤوس حمامهم (4) فأين المادح وهو آمن راغب من المادح وهو خائف آيس؟ مع أن الذين أشار إليهم إن أوردوا (5) أشعار من ذكر فليس على جهة البرهان، فإن كان الجاحظ توهم غير ذلك فقد غلط.
وتعلق بقول أين عباس لعائشة: (نحن سمينا أباك صديقا) (6) وهذا، إن ثبت فمعناه بطريقنا (7) " سمي أبوك صديقا "، والقرائن دالة على ذلك إن فنون