بناء المقالة الفاطمية - السيد ابن طاووس - الصفحة ١٣٩
سلف (1)، وكم حدث جذب شيخا إلى طريق الصواب وسدده، وساقه إلى الحق وأرشده إذ يرى الشيخ شابا حدثا أم كعبة الهدى، وتجنب مداحض الضلال، فيرى أنه بالأخلق أن يؤم ما أم ويقصد ما قصد.
أضربنا عن هذا، فمن الذي وافقه على ما قال من إرشاد من أشار إليه؟
سلمنا ذلك، لكن بقدر ما أرشد - رضوان الله عليه - وكان له نصيب في جهاده، كان بإزائه هضم عزمه في العقود على العريش، إذ يرى من اقتدى به غير خائض فيما خاض، ولا ناهض فيما نهض، فبالأخلق أن يقتدي به في الآخر كما اقتدى به في الأول.
وبإزائه ما ذكره المفضل بن سلمة (2) من كونه لما قال: " لن نغلب اليوم من قلة " هزم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه (وآله) - بها وانهزم معهم، وكانوا اثني عشر ألفا، أضعاف من كان ببدر، مع أن أمير المؤمنين - عليه السلام - كما سلف قتل شطر المقتولين، وتخلف الباقون، وكان من تخلف من المقتولين قتل بالملائكة، ومجموع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه (وآله) - فكم (3) تكون حصة من أشار إليهم من ذلك؟ وكم يكون قدر نصيبه من انصبائهم إن كانوا قتلوا؟ وبإزاء ذلك الفرار يوم خيبر، نقلته من كتاب فضائل علي عليه السلام، تصنيف أحمد بن حنبل (4).

(١) مرت الإشارة إليه: ص ٢٨.
(٢) لم أعثر على ترجمة له في المصادر التي بين يدي وفي قائل هذه الكلمة اختلاف بين أهل السير والتاريخ فبعض يذهب إلى أن قائلها أبو بكر وبعض بأنه سلمة بن سلامة بن وقش، انظر تفسير الخازن في ذيل تفسير الآية * (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم) * من سورة التوبة.
(٣) ق: كم يكونوا.
(٤) فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل: ٢ / ٥٩٣ حديث ١٠٠٩.
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال حدثنا أبي، قال حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثني الحسين بن واقد، قال: حدثني جدي، عبد الله بن بريدة، قال: سمعت أبي يقول:
حاصرنا خيبر، فأخذ اللواء أبو بكر، فانصرف ولم يفتح له. ثم أخذه من الغد عمر، فخرج ورجع ولم يفتح له، وأصاب الناس يومئذ شدة وجهد، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إني دافع اللواء غدا إلى رجل، يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله، لا يرجع حتى يفتح له، فبتنا طيبة أنفسنا، إن الفتح غدا، فلما أصبح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صلى الغداة، ثم قام قائما، ودعا باللواء، والناس على مصافهم، فدعا عليا وهو أرمد، فتفل في عينيه، ودفع إليه اللواء وفتح له. قال بريدة: وأنا فيمن تطاول لها.
وأيضا عن مسند أحمد بن حنبل: ٢ / ٣٨٤ وفضائل الصحابة له: ٢ / ٦٠٢ حديث ١٠٣٠، بسنده عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم خيبر: لأدفعن الراية إلى رجل، يحب الله ورسوله، ويفتح الله عليه. قال: فقال عمر: فما أحببت الإمارة قبل يومئذ فتطاولت لها واستشرفت رجاء أن يدفعها إلي، فلما كان الغد دعا عليا فدفعها إليه، فقال: قاتل ولا تلتفت، حتى يفتح عليك فسار قريبا، ثم نادى: يا رسول الله على ما أقاتل؟ قال: حتى يشهدوا: أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك، فقد منعوا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله.
وفي تفسير الثعلبي (على ما في العمدة: ١٥٠) في تفسير قوله تعالى: * (ويهديك صراطا مستقيما) * (الفتح: 2).
وذلك في فتح خيبر وبالإسناد المقدم، قال: حاصر رسول الله - صلى الله عليه وآله - أهل خيبر حتى أصابتنا مخمصة شديدة، وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعطى اللواء عمر بن الخطاب، ونهض من نهض معه من الناس، فلقوا أهل خيبر، فانكشف عمر وأصحابه، ورجعوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجبنه أصحابه ويجبنهم فكان رسول الله قد أخذته الشقيقة (صداع) فلم يخرج إلى الناس. وأخذ أبو بكر راية رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم نهض يقاتل، ثم رجع، فأخذها عمر فقاتل، ثم رجع فأخبر بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: أما والله لأعطين الراية غدا رجلا، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، ويأخذها عنوة، وليس ثم علي - عليه السلام - فلما كان الغد، تطاول لها أبو بكر وعمر، ورجال من قريش رجاء كل واحد منهم أن يكون صاحب ذلك فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ابن الأكوع إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) فدعاه، فجاءه على بعير له، حتى أناخ قريبا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو أرمد، قد عصب عينيه بشقة برد قطري.
قال سلمة بن الأكوع: فجئت به أقوده إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال (صلى الله عليه وآله): ما لك؟ قال: رمدت فقال (صلى الله عليه وآله): ادن مني، فدني منه، فتفل في عينيه، فما شكى وجعهما بعد، حتى مضى لسبيله، ثم أعطاه الراية، فنهض بالراية وعليه حلة ارجوان حمراء قد أخرج كميها، فأتى مدينة خيبر، فخرج مرحب صاحب الحصن، وعليه مغفر، وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه، وهو يرتجز ويقول:
قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب أطعن أحيانا وحينا أضرب * إذ الحروب أقبلت تلهب كان حماي كالحما لا يقرب فبرز إليه علي - صلوات الله وسلامه عليه - فقال:
أنا الذي سمتني أمي حيدرة * كليث غابات شديد القسورة أكتالكم بالسيف * كيل السندرة فاختلفا ضربتين، فبرده علي عليه السلام بضربة فقد الحجر والمغفر وفلق رأسه حتى أخذ السيف في الأضراس، وأخذ المدينة، وكان الفتح على يديه.
وكذلك نقل هذا الخبر عن الثعلبي السيد هاشم البحراني في غاية المرام: 467.
وقد أشار ابن أبي الحديد إلى فرار الشيخين في قصيدته العلوية بقوله:
وما أنس لا أنس اللذين تقدما * وفرهما والفرقد علما حوب والراية العظمى وقد ذهبا بها * ملابس ذل فوقها وجلابيب
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة التحقيق 6
2 مقدمة الكتاب 51
3 سن علي بن أبي طالب (ع) حين اسلامه 59
4 يعرفون المنافقون ببغضهم علي بن أبي طالب (ع) 63
5 لا يحبه (ع) الا مؤمن ولا يبغضه الا منافق 65
6 انه (ع) أول من صلى مع رسول الله (ص) 67
7 رد المؤلف على الجاحظ 69
8 يا علي من فارقني فقد فارق الله ومن فارقك الله فقد فارقني 75
9 نقل كلام الجاحظ في أن عليا (ع) كان يمون ويكلف 77
10 رد المؤلف عليه 79
11 ادعاء الجاحظ في أن أبا بكر ضرب على اسلامه ورد المؤلف عليه 81
12 ان أمير المؤمنين اثر رسول الله (ص) بعمره 83
13 رد المؤلف على الجاحظ في أن أبا بكر أعتق المعذبين بمكة 85
14 رد الجارودية على الجاحظ في قضية الشورى 86
15 كلام حول طلحة والزبير 89
16 شأن نزول آية (فاما من أعطى واتقى) 93
17 قول رسول الله (ص) من سب عليا فقد سبني 95
18 يحشر الشاك في علي من قبره وفي عنقه طوق من نار 97
19 رد المؤلف على الجاحظ في زعمه بان أبا بكر أنفق قبل الهجرة 99
20 رد المؤلف على الجاحظ في تفضيله أبا بكر 101
21 علوم علي بن أبي طالب (ع) 103
22 شجاعة علي بن أبي طالب (ع) 107
23 الفضائل الباطنية لعلي بن أبي طالب (ع) 109
24 ابطال زعم الجاحظ في تقليل فضائل علي بن أبي طالب 111
25 الرد على الجاحظ في تفضيله الغار على مبيت علي (ع) على فراش النبي (ص) 113
26 رد المؤلف على الجاحظ في تنقيصه لعلي (ع) 119
27 نداء جبرئيل يوم أحد 123
28 طعن الجاحظ في حديث (تقاتل الناكثين بعدي) 125
29 رد المؤلف على كذب الجاحظ 127
30 نزول (وأنذر عشيرتك الأقربين) 129
31 ما ورد في كتاب جاماسب بشأن أهل البيت (ع) 131
32 لعلي أربع خصال ليست لاحد غيره 133
33 رد المؤلف على حديث الغار 135
34 ان أبا بكر حث على المشركين ببدر 137
35 رد المؤلف على فضيلة العريش 139
36 نزول (هذان خصمان اختصموا في ربهم) 141
37 ان القرآن مجزأ على أربعة اجزاء 143
38 نزلت في علي (ع) ثمانون آية 145
39 نزول (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) في علي 147
40 من مات على بغض علي 149
41 الرد على الجاحظ في تعظيم اتعاب أبي بكر 151
42 شجاعة علي بن أبي طالب (ع) 153
43 أمير المؤمنين مصور في بيع إيطاليا 155
44 تفضيل الجاحظ بني تيم على بني هاشم 157
45 كلام الجاحظ في شجاعة أبي بكر 159
46 الصابرون يوم حنين سبعة 161
47 شرف أبي بكر في لجوء أبي سفيان إليه 163
48 مناقب علي (ع) ثلاثون ألفا 165
49 ارسال رسول الله (ص) عليا إلى نسيب مارية 167
50 فقه علي (ع) 169
51 علي (ع) عيبة علم رسول الله (ص) 171
52 تنبيه علي (ع) أبا بكر على اشتباهاته 173
53 لولا علي لهلك عمر 175
54 كلام الجاحظ في علم أبي بكر 177
55 تزكية رسول الله عليا بأنه سيد البشر 179
56 جيش أسامة 181
57 نقل الجاحظ لمناقب أبي بكر 183
58 الرد على الجاحظ في تكثيره مناقب أبي بكر 185
59 تسوية الجاحظ عليا (ع) مع سائر المسلمين 187
60 تنقيص الجاحظ عليا (ع) 189
61 نقل الجاحظ كلام الشعبي في تسوية علي (ع) مع عمر 191
62 الرد على مزاعم الجاحظ 193
63 تنقيص الجاحظ عليا (ع) 195
64 علي مع القرآن والقرآن معه 199
65 قول عمر: أقضانا علي 201
66 قول عائشة: ان عليا (ع) اعلم الناس بالسنة 203
67 الرد على تخطئة الجاحظ لعلي (ع) 205
68 طعون الجاحظ على الأنبياء 209
69 انكار الجاحظ عصمة علي (ع) 211
70 اخذ القراء القراءة من علي (ع) 215
71 قول علي سلوني 217
72 تفسير علي (ع) (والعاديات ضبحا) 219
73 علي منى كراسي من بدني 221
74 انكار الجاحظ لأفضلية علي (ع) 223
75 إشارة علي على عمر في فتح أصبهان 225
76 علي (ع) سيد العرب 227
77 القنابر يلعنون مبغض علي بن أبي طالب 229
78 طعن الجاحظ في علي (ع) 231
79 انا سلم لمن سالم أهل هذه الخيمة 233
80 نزول سورة (هل أتى) في أهل البيت 235
81 كذب الجاحظ في أن عليا استناد الرباع وغيرها 241
82 صورة وقفية الإمام (ع) 243
83 قول الإمام الحسن (ع) في أبيه (ع) 245
84 تقشف الإمام علي (ع) 247
85 كثرة التزويج لا تنافي الزهد 249
86 (والذي قال لوالديه أف لكما) 251
87 ادعاء الجاحظ نزول بعض الآيات بشأن أبي بكر 253
88 نزول آية (فأما من اعطى واتقى) 255
89 سباق الأمم ثلاثة 259
90 الرد على أن (فسوف يأتي الله بقوم) هم أبو بكر وأصحابه 261
91 نزول انما وليكم الله ورسوله 263
92 تكذيب الجاحظ لتصديق علي (ع) في الصلاة 271
93 قول الجاحظ ان النبي مات ولم يجمع القرآن 275
94 تعريض الجاحظ بأمير المؤمنين (ع) 277
95 علي بن أبي طالب أمير المؤمنين 279
96 قول علي: انا الصديق الأكبر 281
97 استشهاد الجاحظ بشعر على مدعاه والرد عليه 283
98 تعلق الجاحظ بقول ابن عباس لعائشة 285
99 بعث رسول الله عليا بسورة براءة 287
100 حديث غدير خم 293
101 حديث الراية 303
102 حديث الطائر 307
103 حديث المؤاخاة 309
104 حديث من كنت مولاه 313
105 يا علي أنت أول المسلمين اسلاما 315
106 ان علي بن أبي طالب أول من أسلم 317
107 مناقشة في سند رواية ان أبا بكر أول من أسلم 319
108 الرد على الجاحظ في مناقشته في أن عليا أول من أسلم 321
109 الرد على مناقشة الجاحظ لحديث الطائر 323
110 الرد على مناقشة الجاحظ لحديث المنزلة 325
111 أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة 329
112 عود إلى حديث المؤاخاة 331
113 جيش أسامة 333
114 نقل الجاحظ أحاديث في فضيلة أبي بكر 335
115 رد المؤلف 337
116 مناقشة في حديث الأحجار 339
117 مناقشة في أن أبا بكر لم يسوء النبي قط 341
118 معارضة الجاحظ بالمتخلفين عن علي (ع) 343
119 قتال الناكثين والقاسطين والمارقين 347
120 يا علي سلمك سلمي 353
121 طعن الجاحظ في سلمان 355
122 الدفاع عن سلمان 357
123 كذب الجاحظ في قصة المقداد 359
124 الرد على ادعاء الاجماع لخلافة أبي بكر 361
125 قول عمر: أكره ان أتحملها حيا وميتا 363
126 نقل كلام لخالد 365
127 تكرار حديث الغار والعريش 367
128 كثرة فضائل علي بن أبي طالب (ع) 369
129 تعلق الجاحظ بقوله (ص) كونوا مع السواد الأعظم 377
130 ذكر الجاحظ موافقة عدو أمير المؤمنين لأميرهم 379
131 قول عمر: كانت بيعة أبي بكر فلتة 383
132 اعتراض الجاحظ على من ادعى احتجاج أبي بكر بالنسب 385
133 رد المؤلف 386
134 آية المودة 391
135 نزول واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام 393
136 تعلق الجاحظ بعدة آيات 395
137 قول عمر: لو كان سالم حيا 397
138 الرد على زعم الجاحظ بتسوية عمر 399
139 نقل كلام صاحب كتاب (السقيفة) 401
140 ذكر مناظرة الزبير لعلي (ع) 403
141 ادعاء الجاحظ آثارا في فضيلة عمر وأبي عبيدة 405
142 عود إلى حديث المنزلة 407
143 حديث الشورى 409
144 مناشدة علي (ع) يوم الشورى 411
145 عود إلى حيث الناكثين والقاسطين والمارقين 415
146 ترجيح الجاحظ أبا بكر على علي (ع) 417
147 رد المؤلف 419
148 قول النبي (ص) في زيد بن صوحان 421
149 اجماع الصحابة على أبي بكر 423
150 الرد على الجاحظ في نفيه وجود نص 427
151 وجود النص على علي (ع) 429
152 اختيار الناس لامام 437
153 الرد على الجاحظ في اسهابه 439
154 إجازة مؤلف الكتاب لتلميذه 443
155 ما وجد منظوما ومنثورا على ظهر النسخة 445
156 أبيات للمؤلف قدس سره 447