وأما أنه رجح أولا الهجرة (1)، فإن الجواب عنه بمثل ما أجبنا عن كونه ترك ذكر بني هاشم، لإنهم جمعوا بين النسب والهجرة، والفضل والجهاد، وفنون أسباب التقدم.
ثم إنه بكلام هذا يوهم أن الرواية " بأن الأئمة من قريش " لم يكن لها أصل، وإلا فقد كان الجواب غير (2) ما أجاب به، وذلك طعن منه على أبي بكر - رضوان الله عليه - أو على رسول الله - صلى الله عليه وآله، إذ الحاصل من الرواية، الترجيح بالنسب القرشي.
وأما أنه رجح في أول خطبة خطبها " التقوى " فإنه شئ وقع بعد استقرار الأمور له، وهو ترجيح للخيرية بالتقوى لا ترجيح للخلافة بالتقوى.
قال: (والعذر له في كونه ترك ذكر نفسه، لأن تبريزه (3) كان بينا على المهاجرين وفضله كان ظاهرا على السابقين) (4).
قال: (والدليل على ذلك لما روى للأنصار ما روى [ما قالوا] (5)، فليكن غير أبي بكر) (6).
والذي يقول لسان الجارودية على هذا: إنا قد أسلفنا ما يدل على خلافة، وإن البهت مهين، والمغالبة بالقحة (7) سفالة. وأما دليله على ما قال، فغريب إذ الأنصار لما ديس سعد بن عبادة مقدمهم، وحاق به الخطر، اشتغلوا به عن كل مناظرة وعوجلوا عن رفع أو وضع، كيف يكون الأتباع