والذي أقول على هذا المعنى - وإن كان في طي كلام بسيط غث (1)، صورة حال، أبكم، يعد نفسه فصيحا، وأخرس يرى خرسه نطقا، إذ البلاغة قلة الكلام، وكثرة معانيه، وشرف اللفظ ورقة حواشيه، كما قال عبد الرحمن الكاتب (2).
تزين معانيه ألفاظه * وألفاظه زائنات المعاني لا في لفظ غث بسيط، يسفر فجره عن معنى قصير، مع مغالطات وإيهامات تنضم إليه، فتضع (3) منه، ولو انتاط بالبلاغة، وارتبط بالفصاحة، فكيف إذا ضم بين الهذر والباطل، والميل على من خص بكرم الشمائل والمجد الكامل، يريد الفضيلة بسعة لفظه، وهو من النقص في قلته، ومن البكم في سامعي درجته.
ونقول - وهي بلوى ابتلينا بمقارعتها، واصطلينا بنار غيابتها -: إن أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - كان صاحب ألوية رسول الله - صلى الله عليه وآله - في حروبه، وهي دليل البسالة [و] (4) أمارة الأصالة، إذ صاحب اللواء أمام الجيش يحتاج إلى قوة الرأي في التقدم به تارة، والتأخر به تارة، والثبات تارة.
وأنفذه إلى اليمن وكان السديد المقاصد، الشريف المصادر والموارد، واستخلفه على أهله بمدينته، وجعله بمنزلة هارون من موسى في شرف