الإثبات نفي، ونفي التنجيس في معنى إثبات الطهارة، ومن هنا تبين إصابة صاحب المدارك فيما فهمه عن تلك العبارة، من أنه قائل بالطهارة قولا ظاهرا كالصريح، وبطلان ما ذكره المحقق الخوانساري وغيره من أنه قائل بالعفو، كبطلان قوله: " وبهذا ظهر اندفاع ما أورده صاحب المدارك على المصنف وتابعيه من أن هذه النسبة إلى المعتبر غلط، بل كلامه فيه كالصريح في الطهارة " (1).
وبطلان ما أورده صاحب الحدائق على صاحب المدارك بقوله: " وحينئذ فنسبة القول بالطهارة إلى المعتبر كما فهمه في المدارك وجمع ممن تأخر عنه كما ترى " (2).
والعجب عنه في الحدائق حيث إنه اختل ذهنه في إدراك حقيقة المراد من عبارة المعتبر فرماها بالإجمال وحكم عليها بالاضطراب قائلا: " وأما كلام المعتبر في هذا الباب لا يخلو من إجمال بل اضطراب، ولهذا اختلفت في نقل مذهبه كلمة من تأخر عنه من الأصحاب ".
ثم أخذ بنقل عين العبارة فعقبها بقوله: " وأنت خبير بأن مقتضى قوله: " ويدل على الطهارة الخ " بعد نقله القولين أولا هو اعتبار الطهارة التي هي أحد ذينك القولين وقوله في الدليل الثاني: " ولأن في التفصي عنه عسرا فيسوغ (3) العفو للعسر " ظاهر في اختيار العفو الذي هو القول الآخر أيضا، وأيضا ففي حكمه على كلام المرتضى (رضي الله عنه) بالصراحة في القول بالعفو - مع حكمه على رواية الأحول بالدلالة على الطهارة - نوع تدافع، فإن العبارة فيهما واحدة، إذ نفي البأس إن كان صريحا في العفو ففي الموضعين، وإن كان في الطهارة فكذلك، وحينئذ فنسبة القول بالطهارة إلى المعتبر " (4)، إلى آخر ما نقلناه.
وأنت خبير بما في هذه الكلمات السخيفة والاستخراجات الواهية، إذ قد عرفت أنه لا اضطراب في عبارة المعتبر، ولا إجمال أصلا، بل هي صريحة الدلالة في اختيار الطهارة، ولا تدافع بين الحكم على الرواية بالدلالة على الطهارة وعلى كلام السيد بالصراحة في العفو، بعد ملاحظة ما قررناه من المعنى الواضح.
ولا ينافي قوله بالطهارة استنادا إلى الرواية استدلاله ثانيا بلزوم العسر المسوغ عدمه العفو، إما لأن مراده بالعفو الطهارة توسعا، كما استدل عليها به جماعة منهم ثاني