عن المعتبر ما نقله صاحب المدارك من العبارة المتقدمة نسب إلى المحقق في تلك العبارة أنه في الاستدلال على الطهارة جمع بين رواية الأحول ورواية عبد الكريم، وأنت خبير بفساد ما فهمه مع تعليله، إذ لا تنافي بين ما نسبه إلى علم الهدى وجعله الرواية دليلا على الطهارة، وإن كانت العبارة الصادرة منه موافقة لعبارة الرواية، فإنه لما كان بصدد ضبط ما ذهب إليه أصحابنا، وقالوا به صراحة أو ظهورا، فنسب إلى الشيخين الذهاب إلى الطهارة، ومقتضى التعبير بقوله: " فهو مذهب الشيخين " وقوع التصريح منهما بذلك، وكونه معلوما له من صريح كلامهما، بخلاف كلام علم الهدى المتضمن لنفي البأس، فإنه ليس بصريح في الطهارة لاحتمال أن يريد به نفي البأس عن المباشرة الغير المنافي للنجاسة، فيحكم على كلامه بأنه ليس بصريح في الطهارة، بمعنى أنه لا يدل على دعوى الطهارة دلالة صريحة، ومعنى كونه صريحا في العفو أن القدر المتيقن من مذهبه على وجه يصح إسناده إليه المعلوم من هذا الكلام كونه قائلا بالعفو لا محاله، لأنه لا ينفك عن القول بالطهارة، فهو سواء كان قائلا بالطهارة أو لا قائل بالعفو على وجه ينبغي معه الجزم به.
ولا ريب أن عدم دلالة هذه العبارة في كلام السيد على أن مذهبه المحقق هو الطهارة على وجه الصراحة، لا ينافي دلالته عليها على وجه الظهور، فلا ينافي كونها في الرواية دليلا لنا على الطهارة، نظرا إلى أن مبنى دليلية الأدلة اللفظية على الصراحة تارة والظهور اخرى، فإذا ثبت أنها في الرواية تدل على الطهارة على وجه الظهور - كما هو الحق على ما سنبينه - انتهضت الرواية دليلا عليها، وصح إطلاق الدليل عليها من جهته في الاصطلاح، فهو مستظهر من رواية الأحول الدلالة على الطهارة بتقريب ما سنقرره ثم يقوى هذا الظهور بملاحظة رواية عبد الكريم، فلذا جمع بينهما في الاستدلال.
ومما يؤيد هذا المعنى تعرضه لحكم ماء الاستنجاء في الشرائع والنافع مصرحا بالطهارة في الأول (1)، وظاهرا فيه كلامه في الثاني (2)، حيث استثناه عما يزال به الخبث الذي رجح فيه القول بالتنجيس الذي جعله أشهر القولين، نظرا إلى أن الاستثناء عن