عما كان ركب مني! يسألني خلع ابن عفان والوثوب عليه وأخذ حقي، ويؤتيني صفقته وبيعته على الموت تحت رايتي أو يرد الله عز وجل علي حقي، فوالله يا أخا اليهود ما منعني إلا الذي منعني من أختيها قبلها ورأيت الإبقاء على من بقي من الطائفة أبهج لي وآنس لقلبي من فنائها، وعلمت أني إن حملتها على دعوة الموت ركبته، فأما نفسي فقد علم من حضر ممن ترى ومن غاب من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) أن الموت عندي بمنزلة الشربة الباردة في اليوم الشديد الحر من ذي العطش الصدي (1)، ولقد كنت عاهدت الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) أنا وعمي حمزة وأخي جعفر وابن عمي عبيدة على أمر وفينا به لله عز وجل ولرسوله، فتقدمني أصحابي وتخلفت بعدهم لما أراد الله عز وجل، فأنزل الله فينا * (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) * (2) حمزة وجعفر وعبيدة، وأنا والله المنتظر يا أخا اليهود وما بدلت تبديلا.
وما سكتني عن ابن عفان وحثني على الإمساك عنه إلا أني عرفت من أخلاقه فيما اختبرت منه بما لن يدعه حتى يستدعي الأباعد إلى قتله وخلعه فضلا عن الأقارب، وأنا في عزلة، فصبرت حتى كان ذلك لم أنطق فيه بحرف من " لا " ولا " نعم ".
ثم أتاني القوم وأنا - علم الله - كاره لمعرفتي بما تطاعموا به من اعتقال الأموال والمرح في الأرض وعلمهم بأن تلك ليست لهم عندي، وشديد عادة منتزعة (3)، فلما لم يجدوا عندي تعللوا الأعاليل ".