" وأما الثالثة يا أخا اليهود فإن القائم بعد النبي (صلى الله عليه وآله) كان يلقاني معتذرا في كل أيامه ويلوم غيره ما ارتكبه من أخذ حقي ونقض بيعتي، ويسألني تحليله، فكنت أقول: تنقضي أيامه ثم يرجع إلي حقي الذي جعله الله لي عفوا (1) هنيئا من غير أن أحدث في الاسلام مع حدوثه وقرب عهده بالجاهلية حدثا في طلب حقي بمنازعة، لعل فلانا يقول فيها: نعم وفلانا يقول: لا، فيؤول ذلك من القول إلى الفعل، وجماعة من خواص أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) أعرفهم بالنصح لله ولرسوله ولكتابه ودينه الاسلام يأتوني عودا وبدءا (2) وعلانية وسرا فيدعوني إلى أخذ حقي ويبذلون أنفسهم في نصرتي ليؤدوا إلي بذلك بيعتي في أعناقهم، فأقول: رويدا وصبرا قليلا لعل الله يأتيني بذلك عفوا بلا منازعة ولا إراقة الدماء فقد ارتاب كثير من الناس بعد وفاة النبي وطمع في الأمر بعده من ليس له بأهل، فقال كل قوم: منا أمير! وما طمع القائلون في ذلك إلا لتناول غيري الأمر، فلما دنت وفاة القائم (3)، وانقضت أيامه صير الأمر بعده لصاحبه فكانت هذه أخت أختها، ومحلها مني مثل محلها، وأخذا مني ما جعله الله لي، فاجتمع إلي من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) ممن مضى وممن بقي ممن أخره الله من اجتمع فقالوا لي فيها مثل الذي قالوا في أختها، فلم يعد قولي الثاني قولي الأول صبرا واحتسابا ويقينا وإشفاقا من أن تفنى عصبة تألفهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) باللين مرة وبالشدة أخرى بالنذر مرة وبالسيف أخرى، حتى لقد كان من تألفه لهم أن كان الناس في الكر والفر والشبع والري واللباس والوطاء
(٢٤١)