- - 2 - إنما ينظر الناس إلى قريش.
قال جندب بن عبد الله: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد بويع لعثمان بن عفان، فوجدته مطرقا كئيبا، فقلت له: ما أصابك - جعلت فداك - من قومك؟ فقال:
" صبر جميل ". فقلت: سبحان الله! إنك لصبور. قال: " فأصنع ماذا؟ " قلت:
تقوم في الناس وتدعوهم إلى نفسك وتخبرهم أنك أولى بالنبي (صلى الله عليه وآله) وبالفضل والسابقة، وتسألهم النصر على هؤلاء المتظاهرين عليك، فإن أجابك عشرة من مائة شددت بالعشر على المائة، فإن دانوا لك كان ذلك ما أحببت، وإن أبوا قاتلهم، فإن ظهرت عليهم فهو سلطان الله الذي أتاه نبيه (صلى الله عليه وآله) وكنت أولى به منهم، وإن قتلت في طلبه قتلت إن شاء الله شهيدا، وكنت أولى بالعذر عند الله، لأنك أحق بميراث رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام):
" أتراه - يا جندب - كان يبايعني عشرة من مائة؟ " فقلت: أرجوا ذلك. فقال:
" لكني لا أرجو ولا من كل مائة اثنان، وسأخبرك من أين ذلك، إنما ينظر الناس إلى قريش، وإن قريشا تقول: إن آل محمد يرون لهم فضلا على سائر قريش، وأنهم أولياء هذا الأمر دون غيرهم من قريش، وأنهم إن ولوه لم يخرج منهم هذا السلطان إلى أحد أبدا، ومتى كان في غيرهم تداولوه بينهم، ولا والله لا يدفع إلينا هذا السلطان قريش أبدا طائعين ".
قال: فقلت: أفلا أرجع وأخبر الناس مقالتك هذه وأدعوهم إلى نصرك؟ فقال:
" يا جندب، ليس ذا زمان ذلك ".
* الأمالي للطوسي المجلس 9 الحديث 7 ص 234، تاريخ الطبري ج 2 ص 583، الكامل