فقال: يا أمير المؤمنين إني سائلك لآخذ عنك، وقد انتظرنا أن تقول من أمرك شيئا فلم تقله، ألا تحدثنا عن أمرك هذا، أكان بعهد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو شئ رأيته؟
فإنا قد أكثرنا فيك الأقاويل، وأوثقه عندنا ما قبلناه عنك وسمعناه من فيك. إنا كنا نقول: لو رجعت إليكم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم ينازعكم فيها أحد، والله ما أدرى إذا سئلت ما أقول؟ أزعم أن القوم كانوا أولى بما كانوا فيه منك؟ فإن قلت ذلك، فعلام نصبك رسول الله (عليه السلام) بعد حجة الوداع، فقال: أيها الناس من كنت مولاه فعلي مولاه، وإن تك أولى منهم بما كانوا فيه فعلام نتولاهم؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام):
" يا عبد الرحمن إن الله تعالى قبض نبيه (صلى الله عليه وآله) وأنا يوم قبضه أولى بالناس مني بقميصي هذا. وقد كان من نبي الله إلي عهد لو خزمتموني (1) بأنفي لأقررت سمعا لله وطاعة. وإن أول ما انتقصناه بعده إبطال حقنا في الخمس، فلما رق أمرنا طمعت رعيان (2) البهم من قريش فينا، وقد كان لي على الناس حق لو ردوه إلي عفوا (3) قبلته وقمت به وكان إلى أجل معلوم، وكنت كرجل له على الناس حق إلى أجل، فإن عجلوا له ماله أخذه وحمدهم عليه، وإن أخروه أخذه غير محمودين، وكنت كرجل يأخذ السهولة وهو عند الناس حرون (4).
وإنما يعرف الهدى بقلة من يأخذه من الناس، فإذا سكت فاعفوني فإنه لو جاء أمر تحتاجون فيه إلى الجواب أجبتكم، فكفوا عني ما كففت عنكم ".
فقال عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين فأنت لعمرك كما قال الأول: