فلما رأيت راجعة من الناس قد رجعت عن الاسلام تدعوا إلى محو دين محمد وملة إبراهيم (عليهما السلام) خشيت إن لم أنصر الاسلام وأهله أرى فيه ثلما وهدما تكون المصيبة علي فيه أعظم من فوت ولاية أموركم التي إنما هي متاع أيام قلائل، ثم تزول وتنقشع كما يزول وينقشع السحاب، فنهضت مع القوم في تلك الأحداث حتى زهق الباطل، وكانت كلمة الله هي العليا وإن رغم الكافرون.
ولقد كان سعد لما رأى الناس يبايعون أبا بكر، نادى أيها الناس إني والله ما أردتها حتى رأيتكم تصرفونها عن علي، ولا أبايعكم حتى يبايع علي، ولعلي لا أفعل وإن بايع. ثم ركب دابته وأتى حوران وأقام في خان حتى هلك ولم يبايع.
وقام فروة بن عمرو الأنصاري، وكان يقود مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرسين، ويصرم ألف وسق من ثمر فيتصدق به على المساكين فنادى: يا معشر قريش أخبروني هل فيكم رجل تحل له الخلافة وفيه ما في علي؟ فقال قيس بن مخرمة الزهري: ليس فينا من فيه ما في علي. فقال: صدقت، فهل في علي ما ليس في أحد منكم؟ قال: نعم. قال: فما صدكم عنه؟ قال:
اجتماع الناس على أبي بكر. قال: أما والله لئن أصبتم سنتكم لقد أخطأتم سنة نبيكم، ولو جعلتموها في أهل بيت نبيكم لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم.
فولي أبو بكر فقارب واقتصد، فصحبته مناصحا وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهدا حتى إذا احتضر قلت في نفسي: ليس يعدل بهذا الأمر عني، ولولا خاصة بينه وبين عمر، وأمر كانا رضياه بينهما لظننت أنه لا يعدله عني، وقد سمع قول النبي (صلى الله عليه وآله) لبريدة الأسلمي حين بعثني وخالد بن