الوليد إلى اليمن، وقال: إذا افترقتما فكل واحد منكما على حياله (1) وإذا اجتمعتما فعلي عليكم جميعا فغزونا وأصبنا سبيا فيهم خولة بنت جعفر جار الصفا، فأخذت الحنفية خولة، واغتنمها خالد مني، وبعث بريدة إلى رسول الله محرشا (2) علي، فأخبره بما كان من أخذي خولة فقال:
" يا بريدة حظه في الخمس أكثر مما أخذ، إنه وليكم بعدي ". سمعها أبو بكر وعمر، وهذا بريدة حي لم يمت، فهل بعد هذا مقال لقائل؟!!
فبايع عمر دون المشورة، فكان مرضي السيرة من الناس عندهم، حتى إذا احتضر قلت في نفسي: ليس يعدل بهذا الأمر عني للذي قد رآى مني في المواطن، وسمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فجعلني سادس ستة وأمر صهيبا أن يصلي بالناس، ودعا أبا طلحة زيد بن سعد الأنصاري فقال له:
كن في خمسين رجلا من قومك فاقتل من أبى أن يرضى من هؤلاء الستة.
فالعجب من اختلاق (3) القوم، إذ زعموا أن أبا بكر استخلفه النبي (صلى الله عليه وآله)، فلو كان هذا حقا لم يخف على الأنصار، فبايعه الناس على شورى، ثم جعلها أبو بكر لعمر برأيه خاصة، ثم جعلها عمر برأيه شورى بين ستة، فهذا العجب من اختلافهم، والدليل على ما لا أحب أن أذكره قوله:
" هؤلاء الرهط الذين قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو عنهم راض ". فكيف يأمر بقتل قوم رضي الله عنهم ورسوله، إن هذا لأمر عجيب، ولم يكونوا لولاية أحد منهم أكره منهم لولايتي، كانوا يسمعون وأنا أحاج أبا بكر وأقول:
يا معشر قريش أنا أحق بهذا الأمر منكم، ما كان منكم من يقرأ القرآن