حياة أمير المؤمنين (ع) عن لسانه - محمد محمديان - ج ٢ - الصفحة ١٧١
قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): إن أمير المؤمنين (عليه السلام) خطب الناس بالمدينة بعد سبعة أيام من وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وذلك حين فرغ من جمع القرآن وتأليفه فقال:
" الحمد لله الذي منع الأوهام أن تنال إلا وجوده (1) وحجب العقول أن تتخيل ذاته لامتناعها من الشبه والتشاكل بل هو الذي لا يتفاوت في ذاته ولا يتبعض بتجزئة العدد في كماله، فارق الأشياء لا على اختلاف الأماكن ويكون فيها لا على وجه الممازجة، وعلمها لا بأداة - لا يكون العلم إلا بها (2) - وليس بينه وبين معلومه علم غيره به، كان عالما بمعلومه، إن قيل: كان، فعلى تأويل أزلية الوجود وإن قيل: لم يزل، فعلى تأويل نفي العدم (3)، فسبحانه وتعالى عن قول من عبد سواه واتخذ إلها غيره علوا كبيرا.
نحمده بالحمد الذي ارتضاه من خلقه وأوجب قبوله على نفسه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، شهادتان ترفعان القول وتضاعفان العمل، خف ميزان ترفعان منه وثقل ميزان توضعان فيه وبهما الفوز بالجنة والنجاة من النار والجواز على الصراط وبالشهادة تدخلون الجنة وبالصلاة تنالون الرحمة، أكثروا من الصلاة على نبيكم * (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) * (4) صلى الله عليه وآله وسلم تسليما.
أيها الناس إنه لا شرف أعلى من الاسلام ولا كرم أعز من التقوى

(١) أي: لا يدرك منه إلا أنه تعالى موجود وأما ذاته فلا.
(٢) هذه الجملة صفة لأداة، والضمير المجرور بالياء يرجع إليها، أي: علم الأشياء لا بأداة لا يكون علم المخلوق إلا بها.
(٣) أي: ليس كونه وبقاءه مقرونين بالزمان على ما يفهم من كلمة كان ولم يزل.
(٤) الأحزاب: ٥٦.
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست