وينصبون لها العتائر (1)، ويتخذون لها القربان، ويجعلون لها البحيرة والوصيلة والسائبة والحام (2)، ويستقسمون بالأزلام (3) عامهين (4) عن الله عز ذكره، حائرين عن الرشاد، مهطعين إلى العباد، وقد استحوذ عليهم الشيطان، وغمرتهم سوداء الجاهلية ورضعوها جهالة وانفطموها ضلالة، فأخرجنا الله إليهم رحمة وأطلعنا عليهم رأفة وأسفر بنا عن الحجب نورا لمن اقتبسه وفضلا لمن اتبعه وتأييدا لمن صدقه، فتبوؤوا العز بعد الذلة والكثرة بعد القلة وهابتهم القلوب والأبصار وأذعنت لهم الجبابرة وطوائفها وصاروا أهل نعمة مذكورة وكرامة ميسورة وأمن بعد خوف وجمع بعد كوف (5)، وأضاءت بنا مفاخر معد بن عدنان وأولجناهم (6) باب الهدى وأدخلناهم دار السلام وأشملناهم ثوب الإيمان وفلجوا بنا في العالمين، وأبدت لهم أيام الرسول آثار الصالحين من حام مجاهد ومصل قانت ومعتكف زاهد، يظهرون الأمانة ويأتون المثابة، حتى إذا دعا الله عز وجل نبيه (صلى الله عليه وآله) ورفعه إليه لم يك ذلك بعده إلا كلمحة من خفقة (7) أو وميض (8) من برقة إلى أن رجعوا على الأعقاب وانتكصوا (9) على الأدبار وطلبوا بالأوتار وأظهروا الكتائب وردموا الباب وفلوا (10) الديار وغيروا آثار
(١٨٢)