ولا معقل أحرز من الورع ولا شفيع أنجح من التوبة ولا لباس أجمل من العافية ولا وقاية أمنع من السلامة ولا مال أذهب بالفاقة من الرضا بالقناعة، ولا كنز أغنى من القنوع، ومن اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة وتبوء خفض الدعة، والرغبة مفتاح التعب، والاحتكار مطية النصب، والحسد آفة الدين، والحرص داع إلى التقحم في الذنوب وهو داعي الحرمان، والبغي سائق إلى الحين (1)، والشره (2) جامع لمساوئ العيوب، رب طمع خائب وأمل كاذب ورجاء يؤدي إلى الحرمان، وتجارة تؤول إلى الخسران، ألا ومن تورط في الأمور غير ناظر في العواقب فقد تعرض لمفضحات النوائب، وبئست القلادة قلادة الذنب للمؤمن.
أيها الناس إنه لا كنز أنفع من العلم، ولا عز أرفع من الحلم، ولا حسب أبلغ من الأدب، ولا نصب (3) أوضع من الغضب، ولا جمال أزين من العقل، ولا سوأة (4) أسوء من الكذب، ولا حافظ أحفظ من الصمت، ولا غائب أقرب من الموت.
أيها الناس إنه من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره، ومن رضي برزق الله لم يأسف على ما في يد غيره، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن حفر لأخيه بئرا وقع فيها، ومن هتك حجاب غيره انكشف عورات بيته، ومن نسي زلله استعظم زلل غيره، ومن أعجب برأيه ضل، ومن استغنى بعقله زل، ومن تكبر على الناس ذل، ومن سفه على الناس