مصيبة فضحه الجزع، وإن أجهده الجوع قعد به الضعف، وإن أفرط في الشبع كظته البطنة (1)، فكل تقصير به مضر وكل إفراط له مفسد.
أيها الناس إنه من فل (2) ذل، ومن جاد ساد، ومن كثر ماله رأس (3)، ومن كثر حلمه نبل (4)، ومن أفكر في ذات الله تزندق، ومن أكثر من شئ عرف به، ومن كثر مزاحه استخف به، ومن كثر ضحكه ذهبت هيبته، فسد حسب من ليس له أدب، إن أفضل الفعال صيانة العرض بالمال، ليس من جالس الجاهل بذي معقول، من جالس الجاهل فليستعد لقيل وقال، لن ينجو من الموت غني بماله ولا فقير لإقلاله.
أيها الناس لو أن الموت يشترى لاشتراه من أهل الدنيا الكريم الأبلج واللئيم الملهوج (5).
أيها الناس إن للقلوب شواهد تجري الأنفس عن مدرجة (6) أهل التفريط وفطنة (7) الفهم للمواعظ ما يدعوا النفس إلى الحذر من الخطر، وللقلوب خواطر (8) للهوى، والعقول تزجر وتنهى، وفي التجارب علم مستأنف، والاعتبار يقود إلى الرشاد، وكفاك أدبا لنفسك ما تكرهه لغيرك، وعليك لأخيك المؤمن مثل الذي لك عليه، لقد خاطر (9) من استغنى برأيه،