نعم أنت بردك (1) البيلقاني صاحب البرذون الأبلق، فقال: صدقتم أنا هو، ولكن أبشروا قد جاءكم سعيد بن عمرو الحرشي في عسكر لجب وهو بالبيلقان، فشدوا أيديكم بمدينتكم ولا تسلموها إلى الخزر، فإن الحرشي يصبحكم غدا (2) إن شاء الله ولا قوة إلا بالله! وأما أنا فإني مقتول - وعليكم السلام -. قال: فلما سمع أهل ورثان ذلك رفعوا أصواتهم بالتكبير، وعلمت الخزر أن بردك قد نصحهم وبشرهم بقدوم الحرشي عليهم، فشدوا عليه بالسيوف فقتلوه.
قال: وبلغ ذلك الحرشي فأمر بحطب كثير، فجمع له، ثم أمر فألهبت فيه النيران لكي يرتفع دخانه فيعلم أهل ورثان أني قادم عليهم، قال: ونظرت الخزر إلى ذلك الدخان فارتحلوا عن باب ورثان حتى صاروا إلى صحراء البلاشجان (3) ومن البلاشجان إلى حصن باجروان. قال: وأقبل الحرشي إلى باب ورثان فنزل على بابها يومه ذلك، فخرجوا إليه بالأطعمة والعلوفة، وانضم إليه منهم زهاء على ألفي فارس، فارتحل الحرشي من ورثان في طلب الخزر من بين يديه إلى ناحية أردبيل وإلى ناحية الميمذ (4)، وأقبل الحرشي حتى نزل باجروان.
فلما استقر به الموضع إذا بفارس قد أقبل على فرس كالقرطاس الأبيض من شدة بياضه وعلى الفارس أيضا ثياب بيض حتى وقف على الحرشي، والحرشي قاعد على باب حصن باجروان فسلم عليه، فرد عليه الحرشي السلام ثم قال: من أنت عافاك الله؟ فقال له الفارس؟ أنا عبد من عبيد الله، ولكن هل لك أيها الأمير في الجهاد والغنيمة من حاجة؟ قال الحرشي: وكيف لي بذلك؟ فقال: هذا عسكر الخزر في عشرة آلاف (5) أهل بيت من المسلمين أسارى وسبايا وقد نزلوا على أربعة فراسخ من موضعك هذا بأرض يقال لها رستك (6) فإن أردتهم فهذا وقتهم، قال: ثم تركه صاحب الفرس ومضى. ونادى الحرشي في أصحابه: أيها الناس! اركبوا إلى الجهاد والغنيمة رحمكم الله! وانظروا أن لا يصحبني منكم إلا صاحب بيضة محكمة