من خبر قدومك إليه، فيصبح سكران ويمسي سكران، فوجه إليه أيها الأمير معي برجل من أصحابك فعسى الله تبارك وتعالى أن يمكن منه وأستنقذ منه ابنتي وأنت في ذلك مأجور! فاغتم الحرشي لذلك غما شديدا، ثم دعا برجل من بني عمه يقال له عبد الملك (1) بن مسلم العقيلي فضم إليه جماعة من فرسان أصحابه ووجه بهم الرستاقي إلى القرية التي فيها الطرخان، ثم أقبل بعبد الملك بن مسلم حتى أوقفه على البيت الذي للطرخان، قال: فصعد العقيلي وتطلع من كوة (2) البيت فإذا هو بالطرخان سكران لا يعقل والجاريتان عند رأسه، قال: فرمى بنفسه من كوة (2) البيت فسقط على الكانون، ثم وثب على الطرخان، فلم يزل يضربه بسيفه حتى قتله، ثم احتز رأسه وخرج إلى أصحابه والجاريتان معه فسلمهما إلى أبيهما، ثم وضع السيف فقتل كل خزري كان في تلك القرية وغنم ما غنم، ثم رجع إلى الحرشي فخبره بذلك. قال: فكان ذلك أول فتح كان للحرشي.
قال: واتصل الخبر بالحرشي بأن نارستيك بن خاقان ملك الخزر محاصر لأهل مدينة ورثان في جمع عظيم، فدعا برجل من أهل البيلقان يقال له بردك (3) - وكان بردك هذا من أبناء فارس، وكان مع ذلك شجاعا بطلا، وكان فصيحا بالخزرية، وكان يعرف بصاحب البرذون الأبلق. قال: فدعاه الحرشي فقال: يا بردك! أنت ترجل مسلم وأريد منك أن تهب نفسك لله وللمسلمين وتصير إلى ورثان فتعلمهم أني قادم إليهم لكيلا يسلموا مدينتهم إلى الخزر! قال فقال له الرجل: أفعل ذلك أيها الأمير إن شاء الله! قال: فخرج الرجل في جوف الليل يريد إلى مدينة ورثان، فلما أصبح وقع عليه قوم من الخزر فأخذوه ثم سألوه عن ح اله، فخبرهم أنه رسول الحرشي إلى أهل ورثان يعلمهم أن الحرشي قادم، قال فقال له الخزر: أين الحرشي؟ قال: بالبيلقان، قالوا: فإن أحببت الان أن نخلي سبيلك وأن تنجو بنفسك فتقدم إلى مدينة ورثان وخبرهم بأنه ليس بقادم عليهم أحد من العرب حتى يسلموا المدينة إلينا! قال فقال لهم: أفعل ذلك غير أنكم قد أخذتم برذوني هذا الأبلق وأنا لا أعرف إلا به، فردوه علي وقربوني من المدينة، قال: فردوا عليه برذونه، فاستوى عليه ثم نادى بأعلى صوته: يا أهل ورثان! هل تعرفونني؟ فقالوا: