فصاحت المرأة: النار، النار يا ابن عم رسول الله، أتريد أن تزوجني من ولدي؟ هذا والله ولدي، وقد زوجني أخي هجينا فولدت منه هذا الغلام، فلما كبر أمروني أن أنتفي منه، وأطرده مع أنه ولدي، وفؤادي يحترق أسفا على ولدي، ثم أخذت بيد الغلام فانطلقت به. فنادى عمر بأعلى صوته:
واعمراه! لولا علي لهلك عمر.
ثم قال الشيخ الباقوري بعد ذكره لهذه القضية:
ففي هذه القصة يقضي الإمام علي: قضاء أيدته فيه عناية الله، فرد الولد إلى أمه; لأنه ولدها وهي أمه; ولكن العصبية العربية ضد الأعاجم هي التي صنعت هذا البلاء في القصة الأليمة.
ولكي يتضح لك الموضوع على ما ينبغي أن يتضح:
إعلم رحمك الله أن العرب كان الولد عندهم إما أن يكون صريحا، وإما أن يكون هجينا، وإما أن يكون مقرفا:
فإن جاء الولد من أب عربي، وأم عربية فهو الصريح، وإن جاء الولد من أب عربي وأم أعجمبة فهو الهجين المحتقر عند العرب، وإن جاء الولد من أم عربية وأب أعجمي. فهو المقرف وهو العار الذي لا عار بعده.
فهذه الجارية كانت قد تزوجت من شاب أبوه عربي وأمه أعجمية فهو هجين محتقر وذلك أمرها قومها بعد أن ولدت من هذا الهجين أن تتبرأ من ولدها فتبرأت منه.
فماذا يصنع الولد إلا أن يلجأ إلى أمير المؤمنين علي ليرده إلى أمه;