وفي النص الثالث ظهرت تلك الكلمة التي " معناها " أن الوجع قد غلب على رسول الله، وهي: " هجر رسول الله "، لكنها لم تنسب إلى عمر، بل إلى شخص مجهول: " فقالوا: ما شأنه؟ أهجر! ". لكن الإمام الغزالي في النص الخامس يوضح المسألة برمتها حين يقول:
إن عمر بن الخطاب هو الذي قال، إن النبي ليهجر.
٢ - إن كلمة " يهجر " - بمعنى يخلط أو يهذي - تتنافي تماما مع أبسط المعايير الموضوعية والدينية، بل حتى الأخلاقية. فسياق النص، يظهر أن النبي يوم وفاته، وقبل ذلك، حين كان يجهز لسرية أسامة بن زيد، كان بكامل وعيه; دينيا، تتعارض كلمة " يهجر " تماما أيضا مع ما جاء في القرآن الكريم عن النبي:
(وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).
٣ - رفض عمر لوصية النبي، متذرعا بأن القرآن الكريم " حسبه "، يتنافي أيضا، من وجهة نظر دينية، مع ما يقول القرآن الكريم ذاته:
﴿وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا﴾ (١).
﴿وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا﴾ (2).
لكن من وجهة نظر تاريخية، كثيرا ما نصادف مثل هذه الأحداث، عند غياب مؤسسي الحركات الدينية والفكرية الكبرى، في معظم الأزمنة