[وقال الأستاذ عبد الكريم الخطيب:
وهذا الذي كان من علي في ليلة الهجرة، إذا نظرنا إليه في مجرى الأحداث التي عرضت للإمام علي في حياته بعد تلك الليلة، فإنه يرفع لعين الناظر، أمارات واضحة، وإشارات دالة، على أن هذا التدبير الذي كان في تلك الليلة، لم يكن أمرا عارضا، بالإضافة إلى علي، بل هو عن حكمة لها آثارها، ومعقباتها! فلنا أن نسأل:
أكان لإلباس الرسول صلى الله عليه وسلم شخصية لعلي، تلك الليلة، ما يوحي بأن هناك جامعة تجمع بين الرسول، وبين علي، أكثر من جامعة القرابة التي بينهما؟
وهل لنا أن نستشف من ذلك، أنه إذا غاب شخص الرسول كان عليا هو الشخصية المهيأة لأن تخلفه، وتمثل شخصه، وتقوم مقامه؟
وأحسب أن أحدا قبلنا لم ينظر إلى هذا الحدث، نظرتنا هذه إليه، ولم يقف عنده وقفتنا تلك، حتى شيعة علي، والمبالغين في التشيع له! فإنا نراهم لا يلتفتون كثيرا إلى هذه الواقعة، ولا يقيمون منها شاهدا يشهد لعلي أنه أولى الناس برسول الله، والقيام معه، على حين نراهم يتعلقون بكل شيء يرفع عليا إلى تلك المنزلة!!
وأحسب كذلك أننا لم نتعسف كثيرا، حين نظرنا إلى علي، وهو في برد الرسول، وفي مثوى منامه الذي اعتاد أن ينام فيه - فقلنا: هذا خلف رسول الله، والقائم مقامه (1).