بحفره العدواني الموجب للضمان صار (كالملقي) لهما فيها فيضمنهما وإن مات كل منهما بوقوع الآخر كما هو واضح، لكن في القواعد: " ولو تردى في بئر فسقط عليه آخر فضمانهما على الحافر وهل لورثة الأول الرجوع على عاقلة الثاني بنصف الدية حتى يرجعوا به على الحافر، إشكال " (1) ولعله لاستناد موت الأول إلى سببين، التردي، وسقوط الآخر عليه، فله الدية على الفاعلين بالسوية، ولما كان السقوط خطأ محضا كان النصف على عاقلته ويرجعون به على الحافر لأنه السبب للسقوط.
وفيه أن الوقوع المزبور لم يكن من فعله حتى يوصف بالخطأ، على أن السبب إن كان أقوى لم يضمن المباشر أصلا لا أنه يضمن ويرجع به على السبب كما هو واضح. ومن هنا لم يتوقف فيه في محكي التحرير كما أن المحكي عن الفخر والكركي اختيار الضمان على الحافر ابتداءا، والله العالم.
(ولو قال ألق متاعك في البحر لتسلم السفينة، فألقاه فلا ضمان) سلمت أو لم تسلم، بلا خلاف أجده فيه بين من تعرض له كالشيخين والفاضلين وثاني الشهيدين وغيرهم للأصل، كما لو قال أعتق عبدك فأعتقه أو طلق زوجتك فطلقها، وخصوصا إذا كان النفع مختصا بالمأمور.
وفي المسالك: " والفرق بينه وبين قوله أد ديني فأداه حيث يرجع عليه أن أداه دينه منفعة لا محالة وإلقاء المتاع قد يقضي إلى النجاة وقد لا يقضي فلا يضمن إلا مع التصريح به " (2) وهو كما ترى. نعم قد يقال الفارق الاجماع وأن المفهوم من الأمر بالأداء التوكيل في ذلك، فيكون حينئذ بالأداء كالقرض عليه، كما أن المفهوم من الأمر بالضمان عنه الرجوع به عليه بخلاف المفروض وقد تقدم في كتاب الضمان ما له نفع في المقام.
نعم (لو قال) مع ذلك (وعلي ضمانه ضمنه دفعا لضرورة الخوف)