وبذلك ظهر لك الحال في الأقسام الخمسة التي ذكرها في المسالك (1) وغيره.
نعم لو ألقى المالك بنفسه متاعه لخوف على نفسه أو غيره لم يضمنه أحد للأصل وغيره.
قيل: (2) " والفرق بينه وبين إيجار المضطر في حلقه الذي يرجع عليه بقيمة الطعام بأن ملقى المتاع إن شمله الخوف فهو ساع في تخليص نفسه مؤد واجبا عليه وإن حصل بذلك تخليص غيره من الغرق فلا رجوع، بخلاف إيجار المضطر.
وإن لم يشمله الخوف بأن كان على شط أو في زورق ولا خوف عليه، فالفرق أن المطعم مخلص لا محالة ودافع للتلف الذي يقضى إليه الجوع، وملقى المتاع غير دافع لخطر الغرق، بل احتمال الغرق قائم على تقدير الالقاء وإن كان أضعف منه بدونه.
وإن كان هو كما ترى لا يرجع إلى حاصل يعتد به، مع أنه يمكن فرض احتمال عدم النجاة في المؤجر في حلقه كما يمكن فرض القطع بالنجاة حينئذ في الالقاء، فالعمدة حينئذ الاجماع أو مباشرة الاتلاف في المضطر ولو بالايجار ممن جعله الشارع وليا له في تلك الحال بخلاف من في السفينة.
ولو ألقى متاع غيره لخوفه عليه أو على نفسه أو غيرهما ضمن إذا لم يأذن له المالك بلا خلاف أجده فيه بين من تعرض له، لقاعدة من أتلف وغيرها، وإن كان في حال وجوب الالقاء على صاحب المتاع، إذ ليس هو وليا له بل هو في حال الدافع عن نفسه كالمضطر الآكل لطعام الغير الذي لا إشكال في ضمانه، لقاعدة احترام مال المسلم الذي لم يلجأه إلى إتلافه وليس هو كدفع الدابة الصائلة المفرط فيها صاحبها أو المنصوص عليه من حيث كونه من باب الدفاع المعلوم عدم اندراج الفرض فيه.