وإن عجز رجع بها على سيده، وكان للمشتري الدرك بما اشتراه، وقال أبو حنيفة:
لا يجوز بيع ذلك - واستدل بأصالة الجواز، والمنع يحتاج إلى دليل وقوله تعالى: (1) " وأحل الله البيع " يدل على ذلك - فإن قيل: نهى النبي صلى الله عليه وآله عن بيع ما لم يقبض (2) قلنا: نحمله على ما إذا لم يكن مضمونا، وأما إذا ضمنه فلا بأس " وهو محتمل لبطلان البيع كقول المصنف: (فإن أدى المكاتب مال الكتابة انعتق، وإن كان مشروطا فعجز وفسخ المولى رجع رقا لمولاه).
وفي المسالك " فإذا صح البيع لزم المكاتب دفع المال إلى المشتري، فإذا أداه إليه عتق، كما لو أداه إلى المولى، ولو لم يدفعه أجمع وكان مشروطا فعجز وفسخ المولى رجع رقا لمولاه وهل يبطل البيع؟ يحتمله، لأن الفسخ يوجب رفع أثر الكتابة، ومن ثم رجع ولده رقا وتبعه كسبه، والعدم لمصادقة الملك حال البيع، فلا يضره الفسخ الطارئ " قلت: فيكون العبد حينئذ رقا للسيد ولكنه مديون للمشتري.
وفيه أن مقتضى الفسخ رد العوضين على حالهما السابق، وحينئذ لم يبق في ذمة العبد شئ بعد أن دعا إلى الرقية.
نعم قل يقال: بانعتاق المكاتب ببيع ما عليه، لوصول مال الكتابة لسيد أو كوصوله، بل هو أقوى من ضمانه له، فيبقى حرا مشغول الذمة بمال الكتابة للمشتري، فلا فسخ حينئذ للسيد بالعجز عن المال الذي انتقل عنه للمشتري وإن كان له الفسخ حيث كان المال له ويعجز عنه المكاتب، ولا للمشتري الذي لم يقع معه عقد الكتابة، وحينئذ فلا يطالب المشتري البائع بدرك مال الكتابة كما سمعته من الشيخ، ولا يبقى المكاتب مشغول الذمة وإن رجع عبدا لسيده، كما هو أحد احتمالي المسالك، فتأمل جيدا فإني لم أجد ذلك محررا في كلامهم.