يشك أنه يقتله لوقته فرأى من إكرام العزيز له والإحسان إليه ما أعجزه وأمر له بالخيام فنصبت وأعاد إليه جميع من كان يخدمه فلم بفقد من حاله شيئا وحمل إليه من التحف والأموال ما لم ير مثله وأخذه معه إلى مصر وجعله من أخص خدمه وحجابه.
وأما الحسن القرمطي فإنه وصل منهزما إلى طبرية فأدركه رسول العزيز يدعوه إلى العود إليه ليحسن إليه ويفعل معه أكثر مما فعل مع الفتكين فلم يرجع فأرسل إليه العزيز عشرين ألف دينار وجعلها له كل سنة فكان يرسلها إليه وعاد إلى الإحساء.
ولما عاد العزيز إلى مصر أنزل الفتكين عند قصره وزاد أمره وتحكم فتكبر على وزيره يعقوب بن كلس وترك الركوب إليه فصار بينهما عدواة متأكدة فوضع عليه من سقاه سما فمات فحزن عليه العزيز واتهم الوزير فحبسه نيفا وأربعين يوما وأخذ منه خمسمائة ألف دينار ثم وقفت أمور دولة العزيز باعتزال الوزير فخلع عليه وأعاده إلى وزارته.
ذكر عدة حوادث في هذه السنة سار الحجاج إلى سميراء فرأوا هلال ذي الحجة بها والعادة جارية بأن يرى الهلال بعده بأربعة أيام وبلغهم أنهم لا يرون الماء إلى غمرة وهو بها أيضا قليل وبينهما نحو عشرة أيام فغدوا إلى المدينة فوقفوا بها وعادوا فكانوا أول المحرم في الكوفة.