وطلب من كبيركم وصغيركم لي وإنما كنت مجتازا وقد أظلكم هذا الأمر وأنا سائر عنكم لئلا ينالكم أذى بسببي فقالوا: لا نمكنك من فراقنا ونحن نبذل الأنفس والأموال في هواك وننصرك ونقوم معك فاستحلفهم على ذلك فحلفوا له فأقام عندهم فوصل جوهر إلى البلد في ذي القعدة من سنة خمس وستين وثلاثمائة فحصره فرأى من قتال الفتكين ومن معه ما استعظمه ودامت الحرب شهرين قتل فيها عدد كثير من الطائفتين.
فلما رأى أهل دمشق طول مقام المغاربة عليهم أشاروا على الفتكين بمكاتبة الحسن بن أحمد القرمطي واستنجاده ففعل ذلك فسار القرمطي إليه من الأحساء فلما قرب منه رحل جوهر عن دمشق خوفا أن يبقى بين عدوين وكان مقامه عليها سبعة أشهر، ووصل القرمطي واجتمع هو والفتكين وساروا في أثر جوهر فأدركاه وقد نزل بظاهر الرملة وسير أثقاله إلى عسقلان فاقتتلوا فكان جمع الفتكين والقرمطي كثيرا من رجال الشام والعرب وغيرهم فكانوا نحو خمسين ألف فارس وراجل فنزلوا على نهر الطواحين على ثلاثة فراسخ من البلد ومنه ماء أهل البلد فقطعوه عنهم فاحتاج جوهر ومن معه إلى ماء المطر ففي الصهاريج وهو قليل لا يقوم بهم فرحل إلى عسقلان وتبعه الفتكين والقرمطي فحصراه بها وطال الحصار وقلت الميرة وعدمت الأقوات وكان الزمان شتاء فلم يمكن حمل الذخائر في البحر من مصر وغيرها فاضطروا إلى أكل الميتة وبلغ الخبز كل خمسة أرطال بالشامي بدينار مصري.
وكان جوهر يراسل الفتكين ويدعوه إلى المرافقة والطاعة ويبذل له