ذكر أخذ الحاج في هذه السنة سار أبو طاهر القرمطي إلى الهبير في عسكر عظيم ليلقي الحاج سنة إحدى عشرة وثلاثمائة في رجوعهم من مكة فأوقع بقافلة تقدمت معظم الحاج وكان فيها خلق كثيرا من أهل بغداد فنهبهم واتصل الخبر بباقي الحاج وهم بفيد فأقاموا بها حتى فني زادهم فارتحلوا مسرعين.
وكان أبو الهيجاء بن حمدان قد أشار عليهم بالعود إلى وادي القرى وأنهم لا يقيمون بفيد فاستطالوا الطريق ولم يقبلوا منه وكان إلى أبي الهيجاء طريق الكوفة وكثير الحاج فلما فني زادهم ساروا على طريق الكوفة فأوقع بهم القرامطة وأخذوهم وأسروا أبا الهيجاء وأحمد بن كشمرد ونحرير وأحمد بن بدر عم والدة المقتدر وأخذ أبو الطاهر جمال الحجاج جميعها وما أراد من الأمتعة والأموال والنساء والصبيان وعاد إلى هجر وترك الحاج في مواضعهم فمات أكثرهم جوعا وعطشا من حر الشمس.
وكان عمر أبي طاهر حينئذ سبع عشرة سنة، وانقلبت بغداد واجتمع حرم المأخوذين إلى حرم المنكوبين الذين نكبهم ابن الفرات وجعلن ينادين القرمطي الصغير أبو طاهر قتل المسلمين في طريق مكة والقرمطي الكبير ابن الفرات قد قتل المسلمين ببغداد.