ذكر ولاية جيش بن الصمصامة دمشق ثم عادت الفتنة في ربيع الآخر سنة أربع وستين وثلاثمائة وترددوا في الصلح فاستقر الأمر بين القائد أبي محمود والدمشقيين على إخراج ظالم من البلد وان يليه جيش بن الصمصامة وهو ابن أخت أبي محمود واتفقوا على ذلك وخرج ظالم من البلد ووليه جيش ابن الصمصامة وسكنت الفتنة واطمأن الناس.
ثم إن المغاربة بعد أيام عاثوا وأفسدوا باب الفراديس فثار الناس عليهم وقاتلوهم وقتلوا من لحقوه وصاروا إلى القصر الذي فيه جيش فهرب منه هو ومن معه من الجند المغاربة ولحق بالعسكر، فلما كان من الغد وهو أول جمادى الأولى من السنة زحف جيش في العسكر إلى البلد وقاتله أهله فظفر بهم وهزمهم وأحرق البلد ما كان سلم ودام القتال بينهم أياما كثيرة فاضطرب الناس وخافوا وخربت المنازل وانقطعت المواد وانسدت المسالك وبطل البيع والشراء وقطع الماء عن البلد فبطلت القنوات والحمامات ومات كثير من الفقراء على الطرقات من الجوع والبرد فأتاهم الفرج بعزل أبي محمود.