ولظلم عمالهم ويكف عنهم شر الأحداث فأجابهم إلى ذلك واستحلفهم على الطاعة والمساعدة وحلف لهم على الحماية وكف الأذى عنهم مه ومن غيره ودخل البلد وأخرج عنه ريان الخادم وقطع خطبة المعز وخطب للطائع لله في شعبان وقمع أهل العيث والفساد وهابه كافة الناس وأصلح كثيرا من أمورهم.
فكانت العرب قد استولت على سواد البلد وما يتصل له فقصدهم وأوقع بهم وقتل كثيرا منهم وأبان عن شجاعة وقوة نفس وحسن تدبير فأذعنوا له وأقطع البلاد وكثر جمعه وتوفرت أمواله وثبت قدمه.
وكاتب المعز بمصر يداريه ويظهر له الانقياد فشكره وطلب منه أن يحضر عنده ليخلع عليه ويعيده واليا من جانبه فلم يثق إليه وامتنع من المسير فتجهز المعز وجمع العساكر لقصده فمرض ومات على ما نذكره سنة خمس وستين وثلاثمائة وولي بعده ابنه العزيز بالله فأمن الفتكين بموته جهة مصر فقصد بلاد العزيز التي بساحل الشام فعمد إلى صيدا فحصرها وبها ابن الشيخ ومعه رؤوس المغاربة ومعهم ظالم بن موهوب العقيلي فقاتلهم وكانوا في كثرة فطمعوا فيه وخرجوا إليه فاستجرهم حتى أبعدوا ثم عاد عليهم فقتل منهم نحو أربعة آلاف قتيل.
وطمع في أخذ عكا فتوجه إليها وقصد طبرية ففعل فيها من القتل والنهب مثل صيدا وعاد إلى دمشق.
فلما سمع العزيز بذلك استشار وزيره يعقوب بن كأس فيما يفعل فأشار بإرسال جوهر في العساكر إلى الشام فجهزه وسيره، فلما سمع الفتكين بمسيره جمع أهل الشام وقال قد علمتم أنني ما وليت أمركم إلا عن رضا منكم،