من عظمتك في عيني وكثرة أصحابك ما كدت أموت منه ووصلت إلى قصرك فرأيت عليه نورا عظيما غطى بصري ثم دخلت عليك فرأيتك على سريرك فظنتك خالقا فلو قلت لي أنك تعرج إلى السماء لتحققت ذلك ثم جئت إليك الآن فما رأيت من ذلك شيئا أشرفت على مدينتك فكانت في عيني سوداء مظلمة ثم دخلت عليك فما وجدت من المهابة ما وجدته ذلك العام فقلت إن ذلك كان أمرا مقبلا وإنه الآن بضد ما كان عليه.
فأطرق المعز وخرج الرسول من عنده وأخذت المعز الحمى لشدة ما وجد واتصل مرضه حتى مات.
وكانت ولايته ثلاثا وعشرين سنة وخمسة أشهر وعشرة أيام منها مقامه بمصر سنتان وتسعة أشهر والباقي بأفريقية وهو أول الخلفاء العلويين ملك مصر وخرج إليها وكان مغرى بالنجوم ويعمل بأقوال المنجمين قال له منجمه أن عليه قطعا في وقت كذا وأشار عليه بعمل سرداب يختفي فيه إلى أن يجوز ذلك الوقت ففعل ما أمره وأحضر قواده فقال لهم إن بيني وبين الله عهدا أنا ماض إليه وقد استخلفت عليكم ابني نزارا يعني العزيز فاسمعوا له وأطعيوا.
ونزل السرداب فكان أحد المغاربة إذا رأى سحابا نزل وأومأ بالسلام إليه ظنا منه أن المعز فيه فغاب سنة ثم ظهر وبقي مديدة ومرض وتوفي فستر ابنه العزيز موته إلى عيد النحر من السنة فصلى بالناس وخطبهم ودعا لنفسه وعزى بأبيه.
وكان المعز عالما فاضلا جوادا شجاعا جاريا على منهاج أبيه من