تقدم ذكرهم فأوقع بهم وقتل كثيرا منهم وأنفذهم إلى عضد الدولة فاستقامت تلك الأرض مدة من الزمان.
ثم لم يلبث البلوص أن عادوا إلى ما كانوا عليه من سفك الدم وقطع الطريق فلما فعلوا ذلك تجهز عضد الدولة وسار إلى كرمان في ذي القعدة فلما وصل إلى السيرجان رأى فسادهم وما فعلوه من قطع الطريق بكرمان وسجستان وخراسان فجرد عابد بن علي في عسكر كثيف وأمره باتباعهم فلما أحسوا به أوغلوا في الهرب إلى مضايق ظنوا أن العسكر لا يتوغلها فأقاموا آمنين.
فسار في آثارهم فلم يشعروا إلا وقد أطل عليهم فلم يمكنهم الهرب فصبروا يومهم وهو تاسع ربيع الأول من سنة إحدى وستين وثلاثمائة ثم انهزموا آخر النهار وقتل أكثر رجالهم المقاتلة وسبى الذراري والنساء وبقي القليل وطلبوا الأمان فأجيبوا إليه ونقلوا عن تلك الجبال وأسكن عضد الدولة مكانهم الأكرة والزراعين حتى طبقوا تلك الأرض بالعمل وتتبع عابد تلك الطوائف برا وبحرا حتى أتى عليهم وبدد شملهم.
ذكر ملك القرامطة دمشق في هذه السنة في ذي القعدة وصل القرامطة إلى دمشق فملكوها وقتلوا جعفر بن فلاح.
وسبب ذلك أنهم لما بلغهم استيلاء جعفر بن فلاح على الشام أهمهم