المهدية وفي المحرم منها ظهر بأفريقية رجل يدعو الناس إلى نفسه فأجابه خلق كثير وأطاعوه وأدعى أنه عباسي ورد من بغداد ومعه أعلام سود فظفر به بعض أصحاب أبي يزيد وقبض عليه وسيره إلى أبي يزيد فقتله ثم ان بعض أصحاب أبي يزيد هرب إلى المهدية بسبب عداوة كانت بينهم وبين أقوام سعوا بهم إليه فخرجوا من المهدية مع أصحاب القائم فقاتلوا أصحاب أبي يزيد فظفروا فتفرق عند ذلك أصحاب أبي يزيد ولم يبق معه غير هوارة وأوراس وبني كملان وكان اعتماده عليهم.
ذكر رحيل أبي يزيد عن المهدية لما تفرق أصحابه عنه كما ذكرنا اجتمع رؤساء من بقي معه وتشاوروا وقالوا: نمضي إلى القيروان ونجمع البربر من كل ناحية ونرجع إلى أبي يزيد فإننا لا نأمن أن يعرف القائم خبرنا فيقصدنا فركبوا ومضوا ولم يشاوروا أبا يزيد ومعهم أكثر العسكر فبعث إليهم أبو يزيد ليردهم فلم يقبلوا منه فرحل مسرعا في ثلاثين رجلا وترك جميع أثقاله فوصل إلى القيروان سادس صفر فنزل المصلى ولم يخرج إليه أحد من أهل القيروان سوى عامله وخرج الصبيان يلعبون حوله ويضحكون منه.
وبلغ القائم رجوعه فخرج الناس إلى أثقاله فوجدوا الطعام والخيام وغير ذلك على حاله فأخذوه وحسنت أحوالهم واستراحوا من شدة الحصار ورخصت الأسعار وأنفذ القائم إلى البلاد عمالا يطردون عمال أبي يزيد عنها فلما رأى أهل القيروان قلة عسكر