البذول الكثيرة، فيهم أن يفعل فيمنعه القرمطي ويخوفه منه فزادت الشدة على جوهر ومن معه فعاينوا الهلاك فأرسل إلى الفتكين يطلب منه أن يجتمع به فتقدم إليه واجتمعا راكبين فقال جوهر قد عرفت ما يجمعنا من عصمة الإسلام وحرمة الدين وقد طالت هذه الفتنة وأريقت فيها الدماء ونهبت الأول ونحن المؤاخذون بها عند الله تعالى وقد دعوتك إلى الصلح والطاعة والموافقة وبذلت لك الرغائب فأبيت إلا القبول ممن يشب نار الفتنة فراقب الله تعالى وراجع نفسك وغلب رأيك على هوى غيرك.
فقال الفتكين أنا والله واثق بك في صحة الرأي والمشورة منك لكنني غير متمكن مما تدعونني إليه بسبب القرمطي الذي أحوجتني أنت إلى مداراته والقبول منه.
فقال جوهر إذا كان الأمر على ذكرت فإنني أصدقك الحال تعويلا على أمانتك وما أجده من الفتوة عندك وقد ضاق الأمر بنا وأريد أن تمن علي نفسي وبمن معي من المسلمين وتذم لنا وأعود إلى صاحبي شاكرا لك وتكون قد جمعت بين حقن الدماء واصطناع المعروف.
فأجابه إلى ذلك وحلف له على الوفاء به وعاد واجتمع بالقرمطي وعرفه الحال فقال لقد أخطات فإن جوهرا له رأي وحزم ومكيدة وسيرجع إلى صاحبه فيحمله على قصدنا بما لا طاقة لنا به والصواب أن ترجع عن ذلك ليموتوا جوعا ونأخذهم بالسيف فامتنع الفتكين من ذلك وقال لا أغدر به وأذن لجوهر ولمن معه بالمسير إلى مصر فسار إليه واجتمع بالعزيز،